بات مفهوم الذكاء الاصطناعي من أكثر المفاهيم التي لها قدرها على إحداث تغيير في جميع المجالات الحياتية، حيث ساهمت هذه التقنية في تشكيل المجال الصحي والتمويلي والرعاية وغيره الكثير من المجالات، فما بالك في عالم الرياضة؟

في عالم الرياضة، وظف الذكاء الاصطناعي ليكون أداة قوية من خلال توفير خاصية تحسين الأداء، تعزيز استراتيجيات بهدف الوقاية من الإصابات، ناهيك عن تحسين طرق اتخاذ القرارات بطرق لم تكن معهودة في السابق. علاوة على ذلك، بات الاعتماد على التحليل الرقمي، وتوظيف الأجهزة الذكية جزءً لا يتجزأ من تدريبات الرياضيين، لاسيما خطط المدربين الفنيين.

ومما لا شك فيه، أصبح توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في عالم الرياضية مساهمًا في تغيير الطريقة بشكل جذري للتعامل مع الفرق الرياضية والمدربين والمؤسسات الرياضية، إضافة إلى تحسين استراتيجيات اللعب وإدارة الفريق، وبحسب البيانات الرياضية الحديثة، فإن سوق الذكاء الاصطناعي سيشهد نموًا كبيرًا يقدر بنحو 17 مليار دولار في حلول العام 2030، بعدم بلغ نحو 2.3 مليار دولار في عام 2023.

تحليل الأداء الرياضي والبيانات

تمتلك تقنيات الذكاء الاصطناعي أنظمة مخصصة لعمليات تحليل الأداء الرياضي والوقوف عند نقاط القوة والضعف معتمدة بذلك اعتمادًا أساسي على تحليل البيانات في كرة القدم والتي يمكن الوصول لها من خلال الأجهزة التي يرتديها اللاعبين مسجلة بذلك حركات اللاعبين، وتعمل على قياس الجهد المبذول وضربات القلب، ناهيك عن قياس الأداء الرياضي بدقة عالية من خلال خوارزميات معينة تجاوزت الطرق التقليدية القديمة، كما وساهمت عملية تحليل البيانات في كرة القدم في إحداث تغيير جذري في توقع أداء اللاعبين وتوقع الفرق الفائزة، كما نجحت في توقع النتائج النهائية لمباريات كرة القدم.

تقنيات الذكاء الاصطناعي القائمة على تحليل الأداء الرياضي ساهمت في اكتشاف الحركات الدقيقة في حيوية اللاعبين، الأمر الذي انعكس على تحسين الأداء الفردي والحد من الإصابات، كما ساعدت المدربون على إنشاء ملف لتحليل الأداء؛ للمساعدة فيما بعد في اتخاذ القرار من خلال جمع البيانات الفسيولوجية ودراسة نماذج التعلم العميقة.

التنبؤ بالإصابات

أحرزت تقنيات الذكاء الاصطناعي تقدمًا كبيرًا في توقع الإصابات الرياضية، حيث تعمل الأنظمة على توقع الإصابات المحتملة معتمدة بذلك على تحليل بيانات اللاعب الحيوية والفسيولوجية بطريقة تتجاوز القدرة التقليدية البشرية، وذلك من خلال التقنيات القابلة للارتداء والتي تدمج مع خاصة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها تحديد أنماط حركة اللاعب، وتحديد نقاط الشذوذ التي قد تشير فيما بعد لإصابات محتملة.

كما تعمل هذه التقنيات على إصدار تحذير مبكر حول الإصابات المحتملة المرتبطة بالإجهاد والتعب لكل لاعب على حدا، وذلك بعد قياس أنماط نوم اللاعبين والوقت المستغرق لتعافي كل منهم من الإصابات السابقة.

ولا يقتصر الأمر فقط على هذه النقاط، بل عند اقتران هذه التقنيات بالبيانات الحيوية للاعبين، يتم قياس التغييرات في حركاتهم، والتي في معظم الأحيان تكون مؤشرًا على الإصابة المحتملة. وبناءً عليه، باتت العديد من الأندية الأوروبية توظف هذه التقنيات بهدف تقليل وقت غياب اللاعبين من خلال توقع الإصابة سابقًا، والعمل على معالجة الخلل.

استراتيجيات اللعب والتدريب

يعمل الذكاء الاصطناعي على تحليل بيانات اللاعبين في الوقت الفعلي، الأمر الذي يجعله أداء لا غنى عنها في استراتيجيات اللعب والتدريب، حيث ساعد تطوير نموذج التعلم العميق على تحليل استراتيجيات لعب الخصم، ومعرفة نتائج اللعبة، إضافة إلى توصية تقنيات تكتيكية؛ يمكنها إحداث تغيير في منهج اللعب؛ ليس فقط في رياضة كرة القدم، بل يمتد ذلك إلى جميع الرياضات.

تعمل الأنظمة على قراءة حركة الخصم بناءً على المعلومات والبيانات التاريخية، الأمر الذي يتيح للفرق إمكانية تعديل استراتيجية لعبها بطريقة ديناميكية، علاوة على ذلك، تساهم التقنية في تحديد أنماط اللعب بطريقة يكون من الصعب على المحلل الرياضي التقليدي اكتشافها في الوقت الفعلي. ومن أبرز هذه التقنيات: تقنية الـ STAT Sport، وتقنية Catapult.

يعتمد المدربين اليوم على هذه التقنيات من أجل إجراء تبديلات للاعبين في الوقت الفعلي بناءً على بيانات دقيقة تظهر مستوى إرهاق اللاعب، وأداءه، الأمر الذي يمنح الفريق ككل كفاءة عالية طوال وقت المباراة؛ كما يتم توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل تقييم للتشكيلة الأساسية للفرق بشكل كامل، وتحديد نقاط الضعف والقوة للخصم.

اختيار المواهب الرياضية

عملت تقنيات الذكاء الاصطناعي على تغيير مفهوم الرياضة التقليدية في اكتشاف المواهب الرياضية واستقطابها، حيث ساهمت هذه التقنيات في تحليل بيانات اللاعبين بناءً على التقييم الذاتي، وقياس أداء اللاعبين، وقياس سرعته ومدى مرونة وحركته ودقة تمريراته، ناهيك عن عملية اتخاذ القرار ورؤيته للملعب واللاعبين عند استلام الكرة.

وبرز كل من تطبيق HUDL وتطبيق ProFotballFocus في تقييم اختيارات اللاعبين، وتحديد نقاط ضعف وقوة كل لاعب وذلك من خلال تسجيل لقطات فيديو مرتبطة ببيانات إحصائية لكل لاعب، الأمر الذي ساعد في اتخاذ القرار بشكل دقيق. أضف إلى ذلك خوارزميات التعلم الآلية التي تساهم في تحديد اللاعبين الشباب الواعدين من خلال تحليل بياناتهم الخاصة بأدائهم الرياضي من خلال عدة نماذج ومقاييس، ومعرفة أسلوب اللعب الأفضل الذي يناسب كل منهم بناءً على طريقة لعبهم ومدى احتمالية تكيفهم مع فرق رياضية دون أخرى، ناهيك عن إمكانية تحديد سعر اللاعبين الواعدين في السوق في الوقت الحالي والمستقبل القريب.

شاركها.