قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف خلال منشور جديد عبر صفحته الرسمية على فيس بوك: إن اسم سيدنا الحبيب المصطفى (مُحَمَّدٌ) ﷺ قد ورد في القرآن صراحة أربع مرات، والمتأمل في مواطن ذكره ﷺ باسمه (مُحَمَّدٌ) يعلم شيئًا من حقيقته (الحقيقة المحمدية) التي أرادها الله سبحانه وتعالى حقيقة لهذه الأكوان، رسالةً إلى العالمين إلى يوم الدين.

في سورة آل عمران يقول تعالى : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } إذًا القضية ليست قضية شخص، إنما هي قضية الألوهية والتوحيد، قضية رسالة. 

وتابع: سيذهب سيدنا محمد ﷺ ليلقي الرفيق الأعلى عند ربه راضيًا مرضيَّا، وربّ محمد باقٍ سبحانه وتعالى، ورسالته باقية…؛ فما حالكم؟! هل ذهبت بذهابه القضية أم أن القضية باقية؟! فالله سبحانه وتعالى يقرّر أن القضية باقية، وأنه ينبغي علينا ألا ننقلب على أعقابنا كفارًا مرتدين، فلا بد أن نعلم أن سيدنا محمدًا ﷺ قضية؛ قضية العبودية لله وحده.

وفي سورة الأحزاب يقول ربنا سبحانه: { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} لم يكن مَلِكًا من ملوك الدنيا ينقضي ملكه بموته، أو خليفة في الأرض، ولم يكن حاكمًا ولا قاضيًا فحسب؛ بل كان رسولًا من عند رب العالمين إلى العالمين {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}. فسيدنا محمد ﷺ رسالة، وختم للنبوة.

وفي سورة محمد: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ  وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ}. 

فالقضية قضية قرآن، وكان خُلقه القرآن ، وهو نور قد تلقى الوحي {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}. فإذا نظرنا إليه كان نورًا وسراجًا منيرًا، وإذا نظرنا إلى معجزة الرسالة كان خُلقه القرآن، كان قرآنًا يمشي على الأرض؛ وحياة سيدنا محمد ﷺ ترجمة للقرآن، وهو سر الأكوان، وهو غاية خلق الإنسان، “التوحيد .. عبادة رب العالمين .. الإيمان بالتكليف والالتزام .. الإيمان بيوم آخر نعود فيه إلى ربنا  سبحانه وتعالى للثواب أوالعقاب”. 

وفي نهاية سورة الفتح يفتح الله علينا به ﷺ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ }. نور يتلألأ في وجوه المسلمين يُنبئ عن صدق كتابهم وعن حقيقة نبيهم ﷺ، بل هو ظاهر في وجوه العلماء والأولياء والصالحين والمصلين عبر القرون وإلى عصرنا هذا. 

هذه هي الحقيقة المحمدية، فتنبهوا واعلموا أن التطبيق المعصوم لكتاب الله هو سيدنا رسول الله ﷺ، الذي عصمه ربه سبحانه وتعالى واصطفاه واختاره وأعلى مرتبته .

وكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ .. قومٌ نيامٌ تسلَّوا عنهُ بالحُلُمِ

فمبلغُ العلمِ فيهِ أنهُ بشرٌ .. وأنهُ خيرُ خلقِ اللهِ كلهمِ

شاركها.