كشفت تقارير إخبارية عن توجه حكومي هندي لإلزام شركات تصنيع الهواتف الذكية بتثبيت تطبيق أمني حكومي مسبقًا على جميع الأجهزة المباعة في البلاد. هذا الإجراء، الذي يركز على تعزيز الأمن السيبراني وحماية المستهلك، يثير تساؤلات حول خصوصية المستخدمين وحقوق الشركات المصنعة. ومن المتوقع أن يدخل هذا القرار حيز التنفيذ خلال الأشهر القليلة القادمة.
أفادت وكالة رويترز أن الحكومة الهندية طلبت من شركات الهواتف تثبيت تطبيق “سانشار ساثي” (Sanchar Saathi) بشكل افتراضي، مع منع المستخدمين من إزالته. يأتي هذا الطلب في سياق جهود متزايدة لمكافحة الاحتيال عبر الهاتف، وتتبع الهواتف المسروقة، وتعزيز الأمن الرقمي في الهند.
تطبيق “سانشار ساثي” والجدل الدائر حوله
يهدف تطبيق “سانشار ساثي” إلى مساعدة المواطنين على الإبلاغ عن الهواتف المسروقة وحظرها على شبكات الاتصالات، بالإضافة إلى الإبلاغ عن المكالمات والرسائل الاحتيالية. ويعتبر التطبيق امتدادًا لمبادرة حكومية تحمل الاسم نفسه، وتسعى إلى توفير منصة مركزية لحماية المستهلكين من الجرائم الإلكترونية.
آلية التطبيق وتأثيرها على المستخدمين
وفقًا للقرار الجديد، يتعين على شركات الهواتف تثبيت التطبيق على جميع الأجهزة الجديدة قبل بيعها. أما الهواتف التي بيعت مسبقًا، فستتلقى التطبيق عبر تحديث برمجي إلزامي يمنع المستخدمين من حذفه. هذه الخطوة تثير مخاوف بشأن خصوصية البيانات وحرية المستخدم في اختيار التطبيقات التي يرغب في تثبيتها.
يرى خبراء في مجال الحقوق الرقمية أن هذا الإجراء يقوض مبدأ الموافقة المستنيرة للمستخدمين، ويشكل تدخلًا في حقهم في التحكم في أجهزتهم وبياناتهم الشخصية. وتشير ميشي شودري، وهي ناشطة في مجال الحقوق الرقمية، إلى أن هذا القرار “يزيل المعنى من موافقة المستخدمين” ويفتح الباب أمام جمع البيانات الشخصية دون علم أو موافقة صريحة.
ردود فعل الشركات المصنعة والتحديات المحتملة
من المتوقع أن تواجه هذه الخطوة معارضة من بعض الشركات المصنعة، وخاصة تلك التي تولي أهمية كبيرة لخصوصية المستخدمين. تعتبر شركة “آبل” من بين الشركات التي قد تعارض هذا القرار، نظرًا لسياساتها الداخلية الصارمة التي تحظر تثبيت التطبيقات الإلزامية على أجهزتها.
تحظى “آبل” بحصة سوقية تبلغ حوالي 4.5% في الهند، حيث يبلغ إجمالي عدد الهواتف الذكية المستخدمة حوالي 735 مليون جهاز. وبينما تهدف الحكومة الهندية إلى تعزيز الأمن السيبراني، فإن إجبار الشركات على تثبيت تطبيقات دون موافقة المستخدمين قد يؤدي إلى تقويض الثقة في النظام البيئي للهواتف الذكية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يثير هذا القرار تساؤلات حول مستوى الأمان في التطبيق نفسه، وإمكانية اختراقه أو استغلاله من قبل جهات خبيثة. فإذا لم يتم تأمين التطبيق بشكل كافٍ، فقد يصبح نقطة ضعف تعرض بيانات المستخدمين للخطر.
خطوات مماثلة حول العالم
لا تعتبر هذه الخطوة فريدة من نوعها، حيث اتخذت العديد من الحكومات حول العالم إجراءات مماثلة لتثبيت تطبيقات أمنية على الهواتف الذكية. تعتبر روسيا من بين الدول الرائدة في هذا المجال، حيث قامت بتطبيق قوانين تلزم الشركات المصنعة بتثبيت تطبيقات محلية على الأجهزة المباعة في البلاد.
تهدف هذه الإجراءات إلى مكافحة الجريمة الإلكترونية، وحماية البنية التحتية الحيوية، وتعزيز الأمن القومي. ومع ذلك، فإنها تثير أيضًا مخاوف بشأن الرقابة الحكومية، وتقييد الحريات الرقمية، وانتهاك خصوصية المستخدمين.
الخطوات القادمة والتوقعات المستقبلية
من المتوقع أن تقوم الحكومة الهندية بتحديد جدول زمني واضح لتنفيذ هذا القرار، وتوضيح التفاصيل المتعلقة بآلية التثبيت، ومتطلبات الأمان، وحماية البيانات. كما يتعين عليها إجراء حوار مفتوح مع الشركات المصنعة، وأصحاب المصلحة الآخرين، لمعالجة المخاوف والتحديات المحتملة.
في غضون 90 يومًا، يجب على شركات الهواتف الذكية الامتثال للقرار وتثبيت تطبيق “سانشار ساثي”. سيكون من المهم مراقبة ردود فعل الشركات والمستخدمين، وتقييم تأثير هذا القرار على قطاع الاتصالات في الهند. كما يجب على الحكومة الهندية أن تضمن أن يتم تطبيق هذا القرار بطريقة شفافة ومسؤولة، تحترم حقوق المستخدمين وتحمي خصوصيتهم.






