كشفت دراسة حديثة أن علاج جذور الأسنان يمكن أن يساهم في تقليل الالتهابات المرتبطة بأمراض القلب وتحسين مستويات السكر والكوليسترول في الدم، مما يؤكد أهمية صحة الأسنان كجزء لا يتجزأ من الصحة العامة. أجريت الدراسة من قبل باحثين في كلية كينجز كوليدج لندن، ونشرت نتائجها في مجلة الطب الانتقالي في 18 نوفمبر 2025، بعد متابعة دقيقة للمرضى على مدار عامين.

تتبعت الدراسة التغيرات في كيمياء الدم لدى 65 مريضًا من مؤسسة جايز وسانت توماس التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، بعد خضوعهم لعلاج جذور الأسنان نتيجة عدوى سنية شائعة تُعرف بالتهاب دواعم السن القمي. تهدف الدراسة إلى فهم تأثير علاج الأسنان على المؤشرات الحيوية المتعلقة بالصحة العامة، مثل مستويات السكر والدهون والالتهابات.

صحة الأسنان والصحة العامة

أظهرت النتائج أن علاج جذور الأسنان الناجح يرتبط بتحسين كبير في أيض الغلوكوز، حيث انخفضت مستويات السكر في الدم بشكل ملحوظ على مدار العامين التاليين للعلاج. يعتبر هذا الانخفاض عاملاً رئيسيًا في الوقاية من مرض السكري، وفقًا للباحثين.

بالإضافة إلى ذلك، ارتبط العلاج بتحسين مستويات الكوليسترول والأحماض الدهنية في الدم، وهي عوامل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بصحة القلب والأوعية الدموية. يُعزى هذا التحسن إلى تقليل الالتهابات المزمنة في الجسم.

تأثير علاج الأسنان على الالتهابات

أظهرت الدراسة انخفاضًا تدريجيًا في المؤشرات الرئيسية للالتهابات مع مرور الوقت بعد علاج جذور الأسنان. الالتهابات المزمنة تعتبر عامل خطر رئيسي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والعديد من الحالات الصحية المزمنة الأخرى.

ويمكن أن تسبب العدوى السنية دخول البكتيريا إلى مجرى الدم، مما يزيد من الالتهاب ويؤدي إلى تفاقم هذه المخاطر الصحية. لذلك، فإن علاج الأسنان لا يقتصر على تحسين صحة الفم فحسب، بل يمتد تأثيره ليشمل صحة الجسم بأكمله.

أهمية الوقاية من أمراض اللثة

يؤكد خبراء طب الأسنان على أهمية الوقاية من أمراض اللثة، مثل التهاب دواعم السن القمي، من خلال اتباع عادات صحية للفم، مثل تنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط بانتظام، وإجراء فحوصات دورية لدى طبيب الأسنان. الوقاية خير من العلاج، وتجنب الإصابة بأمراض اللثة يقلل من خطر الإصابة بمشاكل صحية أخرى.

صرحت الدكتورة سعدية نيازي، الباحثة الرئيسية والمحاضرة السريرية الأولى في طب لب الأسنان بكلية كينجز كوليدج لندن: “تظهر نتائجنا أن علاج جذور الأسنان لا يحسّن صحة الفم فحسب، بل قد يساعد أيضًا في تقليل خطر الإصابة بأمراض خطيرة مثل السكري وأمراض القلب، إنه تذكير قوي بأن صحة الفم مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصحة العامة”.

تشير الدراسة إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآليات الدقيقة التي تربط بين علاج الأسنان وتحسين الصحة العامة. من المتوقع أن يتم إجراء دراسات إضافية لتقييم تأثير علاج الأسنان على مجموعة واسعة من المؤشرات الصحية، وتحديد الفئات الأكثر استفادة من هذا العلاج. سيساعد ذلك في تطوير استراتيجيات وقائية وعلاجية أكثر فعالية لتحسين صحة الفم والصحة العامة على حد سواء.

من المرجح أن يتم نشر نتائج هذه الدراسات الإضافية في غضون السنوات الثلاث القادمة، مما قد يؤدي إلى تغييرات في الممارسات السريرية والتوصيات الصحية المتعلقة بصحة الأسنان.

شاركها.