دخل العدوان الإسرائيلي اليوم على لبنان منعطفا كبيرا، وسط تهديد وتلويح إسرائيلي بالدخول بريا إلى الأراضي اللبنانية، ونزوح واسع من الجنوب إلى العاصمة بيروت.

وحولت إسرائيل في الأيام الأخيرة تركيزها صوب لبنان، حيث يخوض حزب الله حملة إسناد عسكري لغزة ومقاومتها منذ بدء العدوان عليها في السابع من أكتوبر/تشرن أول الماضي.

ونسعى في النقاط التالية إلى تقديم شرح موجز لما جرى حتى الآن:

1- تفاصيل الهجمات الجديدة

أعلن الجيش الإسرائيلي شن غارات منذ صباح الاثنين، على نحو 800 هدف لحزب الله في جنوب لبنان والبقاع (شرق).

وقال الجيش في بيان، إنه أطلق صباح اليوم (الاثنين) هجوما جويا واسعا على أهداف لحزب الله، وإن عشرات من طائرات الحربية شنت غارات على نحو 800 هدف لحزب الله في جنوب لبنان والبقاع خلال عدة موجات من القصف.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن هذا الهجوم يعد “ضربة استباقية” بعد رصد تحركات لحزب الله لاستهداف إسرائيل.

ووفقا لوزير الصحة اللبناني فراس الأبيض فإن الغارات استهدفت مستشفيات ومراكز طبية وسيارات إسعاف.

دخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية على إحدى القرى اللبنانية (الفرنسية)

2- القتلى والجرحى

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 274 شخصا على الأقل، بينهم 21 طفلا و31 امرأة، وإصابة 1024 في الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان اليوم الاثنين.

كما أعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض إصابة نحو خمسة آلاف شخص بجروح في أقل من أسبوع، نتيجة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق مختلفة في لبنان وتفجير أجهزة اتصال لحزب الله.

وأوضح في مؤتمر صحافي أنّه خلال الحرب المدمرة التي خاضها حزب الله واسرائيل صيف 2006، أصيب ما بين عشرة آلاف و11 ألف شخص، بينما “نحن في أقل من أسبوع، أصبح العدد قريبا من خمسة آلاف جريح” معتبرا أن ذلك “يُظهر التوحش والعدوانية (لدى) العدو الصهيوني”.

3- تعطيل المدارس

قررت السلطات اللبنانية، اليوم الاثنين، فتح المدارس والمعاهد لإيواء النازحين من جنوب البلاد، جراء القصف الإسرائيلي العنيف الذي أسفر عن مئات القتلى والجرحى.

وقال بيان صادر عن مكتب وزير الداخلية “في ضوء متابعته المستجدات الأمنية، أعطى وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي التوجيهات إلى المحافظين للتعاون بشكل كبير مع عملية النزوح الكثيفة من المناطق الجنوبية.

وفي وقت سابق الاثنين أعلن وزير التربية اللبناني عباس الحلبي، إيقاف العمل في مدارس الجنوب لمدة يومين، تزامنا مع نزوح آلاف اللبنانيين.

ولاحقا أُعلن عن تعليق الدراسة الجامعية في كافة أنحاء البلاد.

4- حرب نفسية وتهديد بالاتصالات والرسائل

قال رئيس شركة الاتصالات اللبنانية أوجيرو عماد كريدية إن لبنان تلقى، اليوم الاثنين، أكثر من 80 ألف محاولة اتصال، يشتبه أنها إسرائيلية، تطلب من الناس الإخلاء.

ووصف كريدية لرويترز ما حدث بأنه حرب نفسية لإثارة الذعر والفوضى.

هذا وقد تلقى لبنانيون رسائل تحذير إسرائيلية عبر هواتفهم المحمولة تطالبهم بإخلاء أماكن وجودهم فورا، ضمن مؤشرات على احتمال شن هجمات أوسع في ظل المواجهة مع حزب الله اللبناني.

وقالت وكالة الأنباء اللبنانية “يتلقى مواطنون في بيروت وعدد من المناطق رسائل هاتفية تحذيرية عبر الشبكة الثابتة، مصدرها العدو الإسرائيلي”.

وأوضحت أن الرسائل تطلب منهم إخلاء أماكن وجودهم سريعا، وذلك في إطار الحرب النفسية التي يعتمدها العدو.

إحدى الرسائل التحذيرية التي وصلت لبعض اللبنانيين على جوالاتهم (الفرنسية)

5- أبرز المناطق المستهدفة

تعرضت مناطق واسعة من لبنان للغارات الإسرائيلية، من بينها العاصمة بيروت، وعشرات القرى في الجنوب والبقاع والنبطية وبعلبك الهرمل.

وأفادت مراسلة الجزيرة بأن الغارات استهدفت بلدات ميس الجبل وعيترون وحولا والطيبة ومركبا وبني حيان وجبل الريحان ومرتفعات إقليم التفاح وبنت جبيل وحانين وزوطر ومنطقة النبطية جنوبي لبنان.

كما طالت الغارات محيط مناطق الشعرا وحربتا والهرمل ومحيط بلدات شمسطار وطاريا وبوداي شرقي لبنان، وامتد القصف شرقا إلى بلدة الخضر بمنطقة بعلبك وإلى محيط بلدة النبي شيت.

6- زحام على الطرق وتوقف حركة المركبات

وقد أجبرت الغارات الإسرائيلية الكثيفة والواسعة التي طالت مناطق للمرة الأولى آلاف اللبنانيين في جنوب البلاد على النزوح من قراهم وبلداتهم.

وفرت آلاف العائلات اللبنانية من المناطق التي تشهد تكثيفا للقصف، حيث ملأت صفوف السيارات الطرق التي تربط مدينة صور الساحلية الجنوبية ببيروت.

وشوهدت سيارات ممتلئة بالنساء والأطفال وبعض الأمتعة على طريق خلدة الرئيسي عند المدخل الجنوبي لبيروت.

موجة غير المسبوقة من النزوح شملت قرى وبلدات في الخطوط الثانية أو الخلفية للمواجهة بين حزب واسرائيل الجزيرة
موجة غير المسبوقة من النزوح شملت قرى وبلدات تتعرض للقصف الإسرائيلي (الجزيرة)

وتعتبر هذه الموجة من النزوح الأكبر، إذ شملت مناطق بعيدة عن خطوط المواجهة الأمامية على طول الشريط الحدودي الذي نزح عنه المواطنون بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وإعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله جبهة الجنوب كإسناد لغزة منذ اليوم التالي.

هذه الموجة غير المسبوقة من النزوح شملت قرى وبلدات في الخطوط الثانية أو الخلفية للمواجهة، ومنها أقضية بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا، والنبطية وصور والزهراني، وصولا إلى البلدات المحيطة بمدينة صيدا التي تعتبر بوابة العبور إلى الجنوب.

7- أبرز ردود الأفعال حتى الآن

أمميا، عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه من أن يتحول لبنان إلى غزة أخرى، وسط تصاعد الهجمات بين إسرائيل وحزب الله.

وفي حديث لـ”سي إن إن”، قال غوتيريش إن التفجير الأخير لأجهزة الاتصالات في لبنان يعني أن هناك احتمالًا لتصعيد أقوى بكثير وهو ما يخشى أن يكون مأساة مدمرة للعالم.

وحذّرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) من “عواقب بعيدة المدى ومدمرة” لأي تصعيد إضافي بين إسرائيل وحزب الله، تزامنا مع غارات إسرائيلية كثيفة على جنوب لبنان وشرقه أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا واستدعت ردا من الحزب.

ومن نيويورك، اتّهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الاثنين إسرائيل بالسعي إلى توسيع النزاع وهو أمر قال إنه “لن يكون في مصلحة أحد”، مشددا على أن طهران لا تزعزع استقرار المنطقة.

وقال في اجتماع مع صحفيين أثناء حضوره الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك “نحن نعلم أكثر من أي أحد آخر أنه إذا اندلعت حرب أوسع نطاقا في الشرق الأوسط، فلن يكون ذلك في مصلحة أحد أينما كان في العالم. إسرائيل هي التي تسعى إلى توسيع هذا النزاع”.

وعلى مستوى حركات المقاومة، أدانت حركة حماس، اليوم الاثنين، الغارات الإسرائيلية العنيفة على لبنان، وقالت حماس، في بيان، إن الغارات الإسرائيلية “عدوان همجي”. وجاء في بيان للحركة “هذا العدوان الهمجي الواسع، هو جريمة حرب”.

وأضافت “نؤكد تضامننا ووقوفنا مع الإخوة في حزب الله والشعب اللبناني الشقيق في مواجهة هذا العدوان الوحشي”.

وطالبت حماس محكمة الجنايات الدولية “باتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقة واعتقال قادة الكيان الصهيوني باعتبارهم مجرمي حرب”.

كما حمّلت الإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال وحكومته الصهيونية النازية في فلسطين ولبنان، فهذا العدوان ما كان ليحصل لولا الدعم والغطاء الأميركي المفتوح، وفق البيان.

ودعت الحركة جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى التحرك لوقف العدوان على الشعبين اللبناني والفلسطيني.

ومن جانبها، أدانت جماعة الحوثي باليمن “تمادي كيان العدو الصهيوني في عدوانه على لبنان”. وقالت في بيان “نؤكد مجددا وقوف اليمن إلى جانب لبنان ومقاومته الإسلامية الباسلة”.

وأضافت أن الإجرام الصهيوني ما كان ليحدث “لولا استمرار واشنطن بإمداد الكيان الإجرامي بأدوات القتل”، ودعت الدول العربية والإسلامية للخروج من حالة الصمت.

8- هل يتحول القصف إلى عدوان بري؟

ومع تصعيد القصف، واصلت إسرائيل التلويح باجتياح بري؛ حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات من غرفة القيادة الرئيسية بوزارة الدفاع في تل أبيب، قال فيها إن إسرائيل “على أعتاب أيام معقدة”.

وتابع قائلا “وعدت بأننا سنغير ميزان القوى في الشمال، وهذا بالضبط ما نفعله”، كما أكد أن إسرائيل “لا تنتظر التهديد بل تسبقه”، وفقا لما نقلته القناة الـ12.

في غضون ذلك، نقل موقع “والا” عن قادة كبار بالجيش الإسرائيلي أنهم “جاهزون للشروع في عملية برية في لبنان”.

Cars sit in traffic as people flee the southern villages amid ongoing Israeli airstrikes, in Sidon, Lebanon, Monday, Sept. 23, 2024. (AP Photo/Mohammed Zaatari)
مع تصاعد الغارات يزداد نزوح الناس بحثا عن الأمان (أسوشيتد برس)

بيد أن شبكة بلومبيرغ نقلت عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إن الجيش يركز حاليا على الحملة الجوية وإن الغزو البري ليس وشيكا.

وأضاف المسؤول العسكري أن إسرائيل تسعى لتدمير منصات إطلاق الصواريخ والقذائف التابعة لحزب الله لإضعاف قدراته.

وكان جيش الاحتلال أعلن يوم الثلاثاء أنه وافق على خطط عملياتية لتنفيذ هجوم في لبنان.

وقال في بيان إن كبار المسؤولين العسكريين أجروا تقييما مشتركا للوضع بالقيادة الشمالية، مشيرا إلى أنه وفي إطار هذا التقييم “تمت المصادقة وإقرار خطط عملياتية لهجوم في لبنان”.

وأضاف البيان الإسرائيلي أنه تم اتخاذ قرارات بخصوص مواصلة تسريع استعدادات القوات في الميدان.

شاركها.