تراجع العجز في موازنة الولايات المتحدة الأميركية قليلاً خلال السنة المالية 2025 مع تحقيق عائدات قياسية من الرسوم الجمركية، رغم أن وتيرة الاقتراض لا تزال مرتفعة تاريخياً، في وقت يشهد فيه الاقتصاد توسعاً واستقراراً مالياً.

وبحسب بيانات وزارة الخزانة الأميركية الصادرة الخميس، بلغ العجز في السنة المالية 2025 نحو 1.78 تريليون دولار، مقارنة بـ1.82 تريليون في 2024، أي بانخفاض نسبته 2%. وتطابق هذا الرقم إلى حد كبير مع تقديرات “مكتب الميزانية في الكونغرس” الصادرة الأسبوع الماضي.

عائدات الرسوم الجمركية تسجّل مستوى قياسياً

أسهمت الزيادات الكبيرة في الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تحقيق صافي إيرادات بلغ 195 مليار دولار خلال السنة المالية المنتهية في 30 سبتمبر. 

وكان وزير الخزانة سكوت بيسنت قد صرّح بأن الولايات المتحدة يمكن أن تجني ما يصل إلى 500 مليار دولار سنوياً من الإيرادات الجمركية. ومع ذلك، لا تزال الأسس القانونية لجزء كبير من تلك الرسوم قيد المراجعة، مع قضية منظورة أمام المحكمة العليا.

وتُظهر البيانات أيضاً تأثير التشريع الضريبي الجديد الذي وقّعه ترمب في يوليو، على الميزانية. إذ انخفضت إيرادات ضرائب الشركات في سبتمبر، جزئياً نتيجة بنود مدرجة في القانون المعروف باسم “مشروع القانون الجميل الكبير الواحد”. وهبط إجمالي إيرادات ضرائب الشركات بنسبة 41% لتصل إلى 65 مليار دولار.

اقرأ أيضاً: من الرابحون والخاسرون من قانون ترمب للضرائب؟

العجز يمثل 5.9% من الناتج المحلي الإجمالي

قدّر مسؤول في وزارة الخزانة أن العجز في 2025 يمثل نحو 5.9% من الناتج المحلي الإجمالي، انخفاضاً من 6.3% في العام السابق، استناداً إلى تقديرات داخلية للوزارة في ظل انتظار صدور بيانات الناتج المحلي الرسمية للربع الممتد من يوليو إلى سبتمبر.

وقال بيسنت إنه يسعى لخفض نسبة العجز إلى “رقم يبدأ بثلاثة” بنهاية الولاية الثانية لترمب، مشيراً إلى أن نسبة 3% تُعد معياراً دولياً للانضباط المالي، وهي النسبة التي يُفترض بدول منطقة اليورو الالتزام بها.

وكتب بيسنت في منشور على منصة “إكس”: “النمو القوي بقيادة القطاع الخاص إلى جانب ضبط الإنفاق الفيدرالي يعني أن نسبة العجز إلى الناتج المحلي ستنخفض تلقائياً. العجز في السنة المالية 2025 يُقدَّر الآن بأقل من 6%، ومع استمرار الانضباط المالي يمكننا الوصول إلى 3% بحلول عام 2028”.

الإنفاق الفيدرالي يرتفع إلى 7 تريليونات دولار

ارتفع إجمالي الإنفاق في السنة المالية إلى 7 تريليونات دولار مقارنة بـ6.7 تريليون في العام السابق، أي بزيادة قدرها 4%، وفق بيانات وزارة الخزانة.

ويرى العديد من الاقتصاديين أن القانون الضريبي الجديد سيؤدي إلى تآكل نمو الإيرادات خلال العقد المقبل، ما سيزيد من تفاقم مسار الدين الفيدرالي المرتفع بالفعل.

وقدّر “مركز السياسات الضريبية” أن القانون سيرفع الدين الفيدرالي بمقدار 4.2 تريليون دولار، أي ما يعادل 9% من الناتج المحلي الإجمالي، بحلول عام 2034.

الفوائد والضمان الاجتماعي يقودان الإنفاق

لا تزال النفقات على الفوائد المترتبة على الدين العام وعلى الضمان الاجتماعي من أبرز العوامل التي تغذي العجوزات الضخمة التي تشهدها الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.

وبلغت مخصصات “إدارة الضمان الاجتماعي” 1.6 تريليون دولار في 2025، بزيادة 8% عن العام المالي السابق البالغ 1.5 تريليون دولار. كما ارتفع الإنفاق على الصحة والخدمات الإنسانية بنسبة 10% مدفوعاً ببرنامجي “ميديكير” و”ميديكيد”.

أما إجمالي الإنفاق على فوائد الدين العام فبلغ مستوى قياسياً عند 1.22 تريليون دولار للسنة المالية، بارتفاع نسبته 7% عن عام 2024.

وأشار مسؤول في وزارة الخزانة إلى أن تراجع العجز يعود جزئياً إلى تغيير في السياسة الخاصة بخطط القروض الطلابية الفيدرالية، إذ سجلت وزارة التعليم انخفاضاً في نفقاتها بمقدار 233 مليار دولار خلال السنة المالية 2025.

شاركها.