وصل الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، إلى العاصمة السعودية الرياض اليوم في زيارة رسمية، تأتي في إطار الجهود الإقليمية المتواصلة لحل الأزمة السودانية. وتكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة في ظل استمرار الصراع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وجهود الوساطة التي تقودها المملكة العربية السعودية. تهدف الزيارة إلى تعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة آخر التطورات في السودان.
استقبل الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، نائب أمير منطقة الرياض، البرهان لدى وصوله مطار الملك خالد الدولي، بحضور عدد من المسؤولين السعوديين والسودانيين. يعكس هذا الاستقبال الرفيع المستوى الاهتمام السعودي البالغ بالوضع في السودان، والرغبة في دعم جهود تحقيق الاستقرار.
أهمية زيارة البرهان للسعودية في سياق الأزمة السودانية
تأتي زيارة البرهان في توقيت حرج، حيث يمر السودان بفترة اضطرابات كبيرة منذ اندلاع الاشتباكات في منتصف أبريل 2023. وقد أدت هذه الاشتباكات إلى أزمة إنسانية متفاقمة، وتسببت في نزوح الملايين من السودانيين. تسعى المملكة العربية السعودية، من خلال مبادرة “منبر جدة”، إلى جمع الأطراف المتنازعة للتوصل إلى حل سلمي.
دور السعودية في الوساطة
استضافت مدينة جدة عدة جولات من المفاوضات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، برعاية المملكة العربية السعودية وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية. تهدف هذه المفاوضات إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في جميع أنحاء السودان.
ومع ذلك، لم تسفر هذه الجهود حتى الآن عن نتائج ملموسة، حيث استمرت الاشتباكات بشكل متقطع في عدة مناطق. وتواجه عملية الوساطة تحديات كبيرة، بما في ذلك تعقيد المشهد السياسي والعسكري في السودان، واختلاف أجندات الأطراف المتنازعة.
العلاقات الثنائية والبعد الاستراتيجي
لا تقتصر زيارة البرهان على مناقشة الأزمة السودانية فحسب، بل تتضمن أيضاً بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الرياض والخرطوم. تتمتع السعودية والسودان بعلاقات تاريخية وثيقة، وتجمعهما مصالح مشتركة في مجالات متعددة، بما في ذلك الأمن والاقتصاد.
بالإضافة إلى ذلك، يولي البلدان أهمية خاصة لأمن البحر الأحمر، الذي يمثل شرياناً حيوياً للتجارة العالمية. ويشكل أي تهديد لهذا الأمن مصدر قلق مشترك للرياض والخرطوم. وتعتبر السودان نقطة ارتكاز استراتيجية للمملكة في المنطقة، نظراً لموقعها الجغرافي المتميز.
وتشير التقارير إلى أن المباحثات ستتناول أيضاً التنسيق الأمني والسياسي بين البلدين، لمواجهة التحديات الإقليمية المشتركة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. كما من المتوقع أن تبحث الزيارة سبل زيادة الاستثمارات السعودية في السودان، ودعم جهود التنمية الاقتصادية.
وتأتي هذه الزيارة بعد سلسلة من الاتصالات والمشاورات بين المسؤولين السعوديين والسودانيين، بهدف إيجاد حلول للأزمة السودانية، وتعزيز التعاون الثنائي. وتعتبر السعودية من أهم الداعمين للسودان على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتشكل قضية الاستقرار في السودان أولوية للمجتمع الدولي، حيث يخشى المراقبون من أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، وانتشار العنف، وتصاعد التوترات الإقليمية.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من الجهود الدبلوماسية والسياسية، بهدف التوصل إلى حل للأزمة السودانية. وستركز المباحثات على إيجاد صيغة لتقاسم السلطة، وتضمين جميع الأطراف في العملية السياسية.
يبقى الوضع في السودان غير مستقر، وتعتمد آفاق الحل على مدى استعداد الأطراف المتنازعة للتوصل إلى اتفاق. وستظل السعودية تلعب دوراً محورياً في جهود الوساطة، وستواصل دعمها للشعب السوداني.




