تواجه العاصمة الإيرانية طهران أزمة مياه حادة قد تصل إلى نقطة “اليوم الصفري” حيث يجفّ الحنفيات، وذلك نتيجة موجة حرّ استثنائية وجفاف مستمر. تشير التقديرات إلى أن خزان المياه خلف سد أمير كبير، المصدر الرئيسي لمياه الشرب في طهران، انخفض إلى حوالي 8% من طاقته التخزينية بحلول أوائل نوفمبر. هذه الأزمة تعكس سنوات من انخفاض معدلات هطول الأمطار وتفاقم ظاهرة الجفاف في إيران.

بدأت تداعيات نقص المياه تتضح خلال صيف عام 2025، حيث ارتفعت درجات الحرارة في مناطق متعددة، بما في ذلك طهران، إلى ما يقارب 50 درجة مئوية، مما اضطر إلى إغلاق المكاتب الحكومية والبنوك مؤقتًا. ومع انخفاض مستويات الخزانات، تعطل إنتاج الطاقة الكهرومائية، وتم فرض تدابير تقشف صارمة في أجزاء من العاصمة. وحذر مسؤولون من احتمال إجلاء المدينة إذا لم تتعافَ إمدادات المياه.

أزمة المياه في طهران: تفاقم الجفاف وتأثيراته

يعود سبب تفاقم أزمة المياه إلى نقص الأمطار المستمر خلال السنوات الأخيرة. عادةً ما يبلغ هطول الأمطار حول طهران ذروته بين ديسمبر وأبريل، مما يعيد ملء الخزانات خلف السدود قبل بداية الصيف الجاف. ومع ذلك، ظلت الأمطار خلال هذه الفترة الرطبة أقل باستمرار من المعدل المناخي طويل الأجل، مع تسجيل موسم 2024-2025 أكبر عجز مطري على الإطلاق.

تأثيرات متسلسلة على البنية التحتية والاقتصاد

أدى الجفاف الطويل إلى تقلص الأنهار والأراضي الرطبة بسبب جفاف التربة وارتفاع معدلات التبخر. بالإضافة إلى ذلك، أثر نقص المياه على قطاعات اقتصادية مختلفة، مما زاد من الضغوط على البنية التحتية الحيوية. وتشير التقارير إلى أن الحكومة الإيرانية تدرس خيارات متعددة، بما في ذلك نقل العاصمة، في حال استمرار الوضع على ما هو عليه.

في المقابل، يواجه قطاع الزراعة تحديات كبيرة بسبب نقص المياه، مما يؤثر على إنتاج الغذاء والأمن الغذائي. كما أن نقص المياه يؤدي إلى زيادة الاعتماد على المياه الجوفية، مما يهدد استدامتها على المدى الطويل.

الظروف المناخية وتغير المناخ

يعتبر الخبراء أن الظروف المناخية الحالية في إيران، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض الأمطار، مرتبطة بتغير المناخ العالمي. وتشير الدراسات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بين المناطق الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك زيادة الجفاف وتدهور الموارد المائية.

ومع ذلك، فإن العوامل المحلية، مثل سوء إدارة الموارد المائية وأنظمة الري غير الفعالة، تساهم أيضًا في تفاقم الأزمة. وتدعو منظمات بيئية إلى تبني ممارسات مستدامة لإدارة المياه، بما في ذلك تحسين كفاءة الري، وتقليل الفاقد من المياه، والاستثمار في تقنيات تحلية المياه.

تداعيات محتملة وخيارات الحل

تعتبر أزمة الجفاف في طهران بمثابة تحذير بشأن التحديات التي تواجهها المدن في جميع أنحاء العالم بسبب تغير المناخ ونقص الموارد المائية. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في مناطق تعاني من نقص المياه، وأن هذا الرقم من المتوقع أن يزداد في السنوات القادمة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي نقص المياه إلى تفاقم التوترات الاجتماعية والسياسية، خاصة في المناطق التي تعاني بالفعل من عدم الاستقرار. لذلك، من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة أزمة المياه، بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية المائية، وتبني ممارسات مستدامة لإدارة المياه، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي.

تدرس وزارة الطاقة الإيرانية حاليًا خططًا لتنويع مصادر المياه، بما في ذلك الاستثمار في مشاريع تحلية المياه وإعادة استخدام المياه المعالجة. كما تعمل الحكومة على تشجيع استخدام تقنيات الري الحديثة في القطاع الزراعي لتقليل استهلاك المياه.

في الوقت الحالي، لا تزال التوقعات المتعلقة بهطول الأمطار في الأشهر القادمة غير مؤكدة. وتعتمد قدرة طهران على تجنب “اليوم الصفري” على هطول أمطار كافية خلال فصل الشتاء القادم، بالإضافة إلى تنفيذ تدابير فعالة لإدارة المياه. وستراقب الحكومة الإيرانية عن كثب مستويات الخزانات ومعدلات هطول الأمطار خلال الأشهر القادمة لتقييم الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة.

من المتوقع أن يصدر تقرير مفصل من وزارة البيئة الإيرانية في نهاية شهر ديسمبر يقدم تحليلاً شاملاً للوضع المائي الحالي والتوقعات المستقبلية.

شاركها.