قال الدكتور أيمن الحجار، من علماء الأزهر الشريف، إن الأمانة من أعظم القيم التي دعا إليها الإسلام، مشيرًا إلى حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، حيث أخبر النبي ﷺ أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم رفعت شيئًا فشيئًا حتى يأتي زمان يقال فيه: “إن في بني فلان رجلًا أمينًا”، وذلك لندرة الأمناء.
وأوضح الحجار خلال تصريحات تليفزيونية، أن الأمانة لا تقتصر على الودائع المالية فقط، بل تشمل جميع المسؤوليات التي يتحملها الإنسان، سواء كانت في العلم، أو العمل، أو العلاقات الاجتماعية، مشيرا إلى أن القرآن الكريم أمر بأداء الأمانات إلى أهلها، فقال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا” (النساء: 58).
ضياع الأمانة
وأشار الى أن ضياع الأمانة يؤدي إلى فساد المجتمعات وانتشار الظلم.
واستدل بقوله ﷺ: “إذا ضُيِّعَتِ الأمانة فانتظر الساعة”، مبينًا أن حفظ الأمانة واجب ديني وأخلاقي يضمن استقامة الحياة واستقرارها.
وشدد على ضرورة التمسك بالأمانة في القول والفعل، وعدم التهاون فيها، حتى ينال الإنسان رضا الله عز وجل ويعيش في مجتمع قائم على الثقة والعدل.
لا إيمان لمن لا أمانة له
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن العلم من أخطر أنواع الأمانة، لأنه مسئولية عظيمة تتعلق بنقل المعرفة الصحيحة، وبيان الأحكام الشرعية، والتوجيه إلى الصلاح، وهو ما أشار إليه الله تعالى بقوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، فقد وصف العلماء بأنهم أهل الخشية الذين يدركون حدود الله، ويعلمون حقوقه وصفاته، ومن هنا جاءت خطورة خيانة العلم، لأنها تؤدي إلى تشويه الدين، وتخريب العقول، ونشر الفوضى الفكرية، وقد يصل أثرها إلى إفقاد الناس الثقة في الدين نفسه.
وبشأن الفتوى تابع مفتي الديار المصرية، خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق ببرنامج «اسأل المفتي» المذاع على قناة «صدى البلد»: “إنها أمانة عظيمة، لأن المفتي عندما يصدر حكمًا شرعيًا، فإنه يوقع عن الله تعالى، وهو ما يقتضي أن يكون أمينًا، ملتزمًا بالدقة والورع، وإلا فإنه يكون قد خان الأمانة، وابتعد عن الحق، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا إيمان لمن لا أمانة له»، فالمفتي مسؤول أمام الله عن كل كلمة يقولها، لأن الفتوى قد تؤدي إلى صلاح المجتمعات أو فسادها”.
وتابع المفتي: “الداعي ينبغي أن يتحلى بالحكمة، والصبر على المدعوين، ومراعاة أحوالهم، والتدرج معهم، كما قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، محذرًا من أن بعض الدعاة يسيئون إلى الدين بسبب سوء فهمهم لمضامينه، أو عدم استخدامهم للأساليب الصحيحة في الدعوة”.
وأضاف نظير عياد: كل فرد مسئول عن وطنه، وأن حب الوطن لا يكون بالشعارات، بل بالعمل والاجتهاد والحرص على مصلحته، مشيرًا إلى أن بعض الناس يعتقدون أن الغش في الامتحانات أو العمل أو التجارة نوع من الذكاء، ولكن الحقيقة أن هذه الأمور تندرج تحت خيانة الأمانة، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، مؤكدًا أن الخيانة في الأمانة من أخطر الصفات، حيث يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا}، كما وصف المنافقين بأنهم في الدرك الأسفل من النار، بسبب خيانتهم للأمانة.