شهدت هذه الفعالية التقاء الفن بالطعام، والبحث بالمذاق، من خلال ورش عمل وعروض غنية جمعت بين الإبداع والموروث الشعبي.
من العلوم الطبية إلى وصفات الجدّات
قدّمت شيف الحلويات السعودية ماريا كيال ورشة عمل بعنوان “فطور مكاوي من وصفات جدتي”، تحدثت فيها عن أهمية أرشفة وتوثيق وصفات الطهي التقليدية كوسيلة للحفاظ على المذاق الأصيل وفنون الطهي التراثية.
وأوضحت كيال أن مسارها المهني بدأ في مجال الأحياء والعلوم الطبية أثناء دراستها في كندا، إلا أن شغفها بالمخبوزات والحلويات قادها إلى دورات تدريبية ثم إلى فرصة ابتعاث في فرنسا، حيث بدأت استكشاف الحضارات من خلال الطبخ المنزلي وحكايات الأكلات الشعبية.
خلال مشاركتها، قدمت كيال أطباقًا تراثية مثل مربى السفرجل بالهيل وبعض البهارات، والعريكة، التي اكتشفت خلال الورشة أن اسمها المحلي هو “دميكا”، وهي تختلف قليلاً في مكوناتها إذ تُصنع من الدخن والتمر والسمن البلدي. وأشارت إلى أن بعض المأكولات الشعبية الدسمة قد تكون ثقيلة على ذائقة السائح، وتحتاج إلى وقت للتعود على نكهتها الفريدة.
الطهي من زاوية التصميم
أما مصمم الطعام عبدالرحمن العريفج، فقد كشف كيف استطاع أن يدمج دراسته في التصميم العمراني مع شغفه بالطهي، وهو شغف ورثه عن والديه اللذين قاما بتوثيق أكثر من 50 وصفة عبر الرسم والكتابة. العريفج أوضح أن هذا الشغف دفعه لتسخير مهاراته التصميمية في مجالات متعددة، ليس فقط في الطهي بل في أدواته وتصميمها كذلك.

شارك العريفج في ورشتين ضمن فعاليات بينالي الفنون الإسلامية، حيث تناولت الورشة الأولى المخبوزات والحلويات السعودية المستلهمة من كتب الطهي في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، مثل “كيكة الماسية”، و”تطلي”، و”حلى رضا الوالدين”، و”الجبنية”. أما الورشة الثانية، فتناولت المأكولات التي ابتكرها أهالي الجزيرة العربية وذاع صيتها عالميًا، وعلى رأسها “الثريد”، وهي أكلة مكية أصيلة تتكون من خبز مشرب بمرقة اللحم والخضار، تعود أصولها إلى قبيلة قريش، وينسب أول من صنعها إلى هاشم، جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
تذوق الثقافة من خلال الشاشة
ومن جانب آخر، تحدّثت المقيمة الفنية والباحثة في الثقافة الشعبية حفصة الخضيري عن رحلتها البحثية في مجال تذوق الأطعمة وفهم علاقتها بالثقافات الشعبية.
أوضحت الخضيري أن شغفها بالأكل قادها إلى دراسة كيف تسهم المأكولات في فهم الثقافات، مستشهدة بمشهد شهير من أحد الأفلام الأمريكية الذي قام فيه البطل بطلب الشاورما، ما دفع عددًا كبيرًا من المعجبين إلى تجربتها، في إشارة إلى تأثير الطعام في الثقافة الجماهيرية.

وأكدت الخضيري أن المطبخ العربي يتميز بتنوعه وغناه، فضلاً عن كونه صحيًا في معظمه، وهو ما يجذب السياح ويثير فضولهم لتجربة النكهات المختلفة التي تقدمها المنطقة.