شهد مهرجان جازان 2026 إقبالًا لافتًا على ركن الحرف اليدوية، وخاصةً منتجات صناعة الخوص التقليدية. وقد جذب هذا الركن الزوار والسياح والمختصين في التراث، مسلطًا الضوء على هذه الحرفة العريقة وأهميتها الثقافية والاقتصادية في منطقة جازان. وقد أقيم المهرجان في جازان، المملكة العربية السعودية، خلال الفترة المحددة، ويستمر في جذب الاهتمام بمختلف جوانب التراث المحلي.
وقد قدمت الحرفية صالحة الغزواني عرضًا حيًا لعملية صناعة الخوص، بدءًا من جمع السعف وصولًا إلى تشكيل المنتجات النهائية. وشمل العرض شرحًا تفصيليًا لتقنيات النقع والتجفيف والتشابك، مما أتاح للزوار فرصة فريدة لفهم هذه الحرفة العريقة عن قرب. وقد أظهرت المنتجات المعروضة، مثل الزَّنَابِلِ، والْمَجُولَةِ، والْمَهْجَنِ، والأواني التراثية، مدى الإبداع والمهارة التي يتمتع بها الحرفيون المحليون.
أهمية صناعة الخوص في جازان
تعتبر صناعة الخوص جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية والاجتماعية لمنطقة جازان. فهي تعكس العلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة، واستخدام الموارد المحلية المتاحة في إنتاج منتجات عملية وجمالية. بالإضافة إلى ذلك، تساهم هذه الصناعة في الحفاظ على التراث المحلي ونقله إلى الأجيال القادمة.
الاستدامة والدخل الاقتصادي
أكدت صالحة الغزواني أن المنتجات المصنوعة من سعف النخيل والدوم تحظى بإقبال واسع نظرًا لارتباطها الوثيق بالهوية الثقافية وقيم الاستدامة. وتشكل هذه المنتجات بديلاً صديقًا للبيئة للمنتجات البلاستيكية أو المصنعة، مما يعزز الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة. كما أن صناعة الخوص تمثل مصدر دخل مهمًا للعديد من الأسر المنتجة في المنطقة، حيث توفر فرص عمل مستدامة وتساهم في دعم الاقتصاد المحلي.
وتشهد الحرفة تطورًا ملحوظًا في التصاميم والتقنيات المستخدمة. فالحرفيون يجمعون بين الأساليب التقليدية واللمسات العصرية لإنتاج منتجات تلبي احتياجات وتطلعات مختلف الشرائح. وقد أدى هذا التطور إلى زيادة الطلب على منتجات الخوص، وتحويلها إلى عنصر جذب سياحي رئيسي في المنطقة. وتعتبر الحرف اليدوية بشكل عام جزءًا هامًا من السياحة الثقافية، حيث تتيح للزوار فرصة التعرف على عادات وتقاليد الشعوب المحلية.
ومع تزايد الاهتمام بالمنتجات التقليدية والحرف اليدوية، تتجه الأنظار نحو منطقة جازان كمصدر رئيسي لهذه المنتجات. وتشير التقارير إلى أن حجم المبيعات في ركن الحرف اليدوية بمهرجان جازان 2026 قد تجاوز التوقعات، مما يعكس الإقبال المتزايد على هذه المنتجات. وقد أشاد الزوار بجودة المنتجات وتنوعها، وبالمهارة العالية للحرفيين المحليين.
تعتبر صناعة الخوص مثالًا حيًا على كيفية دمج التراث الثقافي مع التنمية الاقتصادية المستدامة. فمن خلال دعم هذه الصناعة، يمكن تحقيق فوائد متعددة، بما في ذلك الحفاظ على التراث، وتوفير فرص عمل، وتعزيز السياحة الثقافية، ودعم الاقتصاد المحلي. وتشجع وزارة الثقافة والسياحة في المملكة العربية السعودية على تطوير هذه الصناعات التقليدية، وتوفير الدعم اللازم للحرفيين المحليين.
ويأتي هذا الاهتمام في إطار رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وتعزيز القطاعات غير النفطية، بما في ذلك السياحة والثقافة. وتعتبر الحرف اليدوية جزءًا هامًا من هذه الرؤية، حيث يمكن أن تساهم في جذب السياح، وتعزيز الهوية الثقافية للمملكة، وتوفير فرص عمل للمواطنين. وتشمل المبادرات الحكومية دعم الحرفيين من خلال التدريب والتسويق، وتوفير التمويل اللازم لتطوير مشاريعهم.
من المتوقع أن يستمر مهرجان جازان في السنوات القادمة في تقديم منصة للتعريف بالموروث الثقافي السعودي للعالم. وستشكل فعاليات المهرجان فرصة للزوار للاستمتاع بتجربة شاملة تجمع بين الجمال والأصالة والإبداع. وفي الوقت نفسه، سيتم التركيز على دعم الحرفيين المحليين، وتشجيعهم على تطوير منتجاتهم، والحفاظ على تراثهم. وستظل صناعة الخوص جزءًا أساسيًا من هذا المهرجان، ورمزًا حيًا للابتكار والإبداع في منطقة جازان.
في المستقبل القريب، من المقرر إجراء دراسة شاملة لتقييم أثر مهرجان جازان على الاقتصاد المحلي، وخاصةً على قطاع الحرف اليدوية. وستركز الدراسة على تحديد التحديات التي تواجه الحرفيين، واقتراح الحلول المناسبة لتطوير هذا القطاع. كما سيتم العمل على إنشاء قاعدة بيانات للحرفيين المحليين، وتوفير منصة إلكترونية لعرض منتجاتهم وتسويقها. وستظل هذه التطورات تخضع للمراقبة والتقييم المستمر لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة.






