تشهد إسرائيل تحولات داخلية عميقة، تترافق مع تزايد الهجرة من بين صفوف نخبها المهنية والشبابية، بالتزامن مع خطوات أولية لمحاسبة المسؤولين العسكريين عن إخفاقات السابع من أكتوبر 2023. هذه التطورات تأتي في ظل تصاعد الجدل السياسي والاجتماعي، وتأثيرات محتملة على مكانة إسرائيل على الساحة الدولية، بما في ذلك الدعم السياسي والاقتصادي.

ووفقًا لتقارير صحفية عالمية، تشهد إسرائيل موجة هجرة غير مسبوقة خلال العامين الماضيين، يغلب عليها الشباب المتعلم وذوو الدخل المرتفع. هذا النزيف في الكفاءات يثير مخاوف متزايدة بشأن الآثار طويلة الأمد على الاقتصاد الإسرائيلي وقدرته التنافسية، خاصة في قطاع التكنولوجيا المتقدم.

تآكل دعم إسرائيل وتداعياته الداخلية

تأتي هذه الهجرة في وقت تواجه فيه إسرائيل تحديات متزايدة على صعيد الدعم الدولي. صحيفة جيروزاليم بوست سلطت الضوء على اتساع رقعة المعارضة لإسرائيل داخل التيار المحافظ الأمريكي، خاصة بعد تصريحات أدلى بها مسؤولون أمريكيون أثارت تساؤلات حول تأثير جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل على صنع القرار السياسي في واشنطن.

ويرى مراقبون أن هذا التحول في الرأي العام الأمريكي قد يؤثر سلبًا على حجم المساعدات التي تتلقاها إسرائيل، وعلى قدرتها على الحفاظ على تحالفاتها الاستراتيجية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تصاعد الخطاب المعادي لإسرائيل في بعض الأوساط الأمريكية قد يزيد من الضغوط السياسية على الحكومة الإسرائيلية.

محاسبة عسكرية وإرهاصات تحقيق رسمي

على الصعيد الداخلي، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت عن بدء قيادة الجيش الإسرائيلي اتخاذ إجراءات أولية لمحاسبة عدد من الضباط الذين كانوا في مواقع المسؤولية قبل وأثناء هجوم السابع من أكتوبر. وتشمل هذه الإجراءات استدعاء الضباط المعنيين وإبلاغهم بتدابير محتملة قد تتراوح بين الإقالة وتخفيض الرتب.

تأتي هذه الخطوة في ظل ضغوط شعبية متزايدة للمطالبة بفتح تحقيق رسمي وشامل في ملابسات الهجوم، وهو ما يرفضه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشدة. ويرى المحللون أن إجراءات الجيش قد تكون محاولة لتهدئة الغضب الشعبي وتجنب المطالبة بتحقيق مستقل قد يعيد تشكيل المشهد السياسي.

تداعيات إقليمية ودولية

وفي سياق التطورات الإقليمية، أشارت صحيفة ليبراسيون الفرنسية إلى الهجوم الإسرائيلي الأخير في الضاحية الجنوبية ببيروت، معتبرة أنه يشكل خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار القائم. وأوضحت أن الهجوم وقع في منطقة مكتظة بالسكان المدنيين، مما يثير مخاوف بشأن احتمال وقوع ضحايا من المدنيين.

كما نشرت صحيفة لوموند تقريرًا عن عملية إنقاذ نادرة لقطع أثرية تعود إلى آلاف السنين في غزة، وذلك قبل ساعات من قصف إسرائيلي كان سيطال آخر مخازن الآثار السليمة في القطاع. وأشار التقرير إلى أن العملية جاءت بعد مفاوضات شاقة مع الجيش الإسرائيلي، وأنها تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني.

على صعيد آخر، لفتت صحيفة وول ستريت جورنال إلى تحول في المشهد السياسي في أمريكا الجنوبية، مع ميل متزايد نحو اليمين واقتراب أكبر من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ويرى مراقبون أن هذا التحول قد يمنح واشنطن فرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة، في مواجهة التنافس الصيني المتزايد.

من المتوقع أن تستمر الضغوط الداخلية والخارجية على إسرائيل في التزايد خلال الأشهر المقبلة. الخطوة التالية الحاسمة ستكون رد فعل الحكومة الإسرائيلية على دعوات التحقيق في أحداث السابع من أكتوبر، وتأثير ذلك على الاستقرار السياسي. كما يجب مراقبة تطورات الهجرة وتأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي، بالإضافة إلى التغيرات في السياسات الدولية تجاه إسرائيل، خاصة في ظل التطورات الجيوسياسية المتسارعة.

شاركها.