تناولت عدة صحف عالمية حرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته على مؤسسات التعليم العالي الجامعية في الولايات المتحدة، وآراء المفكرين والصحفيين بما يحصل.
وقالت واشنطن بوست إن إدارة ترامب جمدت أكثر من ملياري دولار من التمويل الفدرالي المخصص لجامعة هارفارد، أغنى جامعة في البلاد، بعد رفضها الامتثال لمطالب حكومية تتعلق بالحوكمة وسياسات القبول والتوظيف.
اقرأ أيضا
list of 4 items
نيويورك تايمز: خبايا الحملة التي يشنها ترامب ضد الجامعات الأميركية
واشنطن بوست: حرب ترامب على الجامعات تضع الولايات المتحدة في خانة الاستبداد
كناري ميشن.. مجموعة غامضة تقول إن مهمتها فضح الطلاب المعادين للسامية
حركة صهيونية متطرفة تتوعد طلاب الجامعات الأميركية المؤيدين للفلسطينيين بالترحيل
end of list
وذكرت الصحيفة أن هذه الخطوة جزء من حملة أوسع تشنها الإدارة ضد الجامعات الأميركية، على خلفية قضايا مثل معاداة السامية والاحتجاجات المناهضة للحرب في غزة وبرامج التنوع والشمول.
تحد للجامعات
وبدورها، أشارت بلومبيرغ إلى أن هذه الخطوة شكلت تحديا غير مسبوق للجامعة، وعلى الرغم من امتلاكها احتياطيات مالية ضخمة تصل إلى 53 مليار دولار، فإن التمويل الفدرالي يمثّل 11% من إيراداتها ويدعم أبحاثا أساسية في السرطان والإيدز وزراعة الأعضاء، ووصلت قيمته في السنة المالية 2024 إلى 686 مليون دولار.
وأضافت بلومبيرغ أن هارفارد قد تواجه صعوبات في تعويض خساراتها المالية، إذ إن أكثر من 80% من التمويل المالي “مقيَّد” بشروط من المتبرعين، ولا يمكن استخدامه بحرية لتعويض التمويل الفدرالي.
إعلان
وأكدت أن الجامعة لا تستطيع زيادة الصرف دون المساس بمخزونها والتأثير على مصاريفها على المدى الطويل، كما أن أغلب الأبحاث تمول بمنح فدرالية مخصصة لمشاريع محددة، ولا يمكن الحصول على مصادر بديلة بسهولة.
ولفتت واشنطن بوست إلى أن تجميد الأموال أدى بالفعل إلى وقف مشاريع حيوية، مما يثير قلقا واسعا بشأن مستقبل البحث العلمي في الولايات المتحدة إن استمر التصعيد السياسي ضد المؤسسات الأكاديمية.
خسارة للبلاد
وأكدت الكاتبة الأميركية كاثرين رامبيل، في مقال نشرته واشنطن بوست، أن سياسات ترامب ضد التعليم العالي “تقضي على” أهم صادرات البلاد وهو التعليم العالي.
وأضافت أن الجامعات الأميركية تستقطب العديد من الطلاب الدوليين، الذين تدر أقساطهم على الاقتصاد الأميركي دخلا يفوق دخل صادرات قيمة مثل الغاز الطبيعي والفحم، ويحقق فائضا تجاريا كبيرا يساعد في تمويل المنح الدراسية للأميركيين ذوي الدخل المحدود.
وحذرت الكاتبة من أن حملة ترامب تقوض قوى البلاد الناعمة عبر تنفير الطلاب الدوليين من الجامعات، حيث يتشرب الطلاب القيم الأميركية ويعودون بها إلى بلدانهم، مما يعزز صورة الولايات المتحدة حول العالم.
المقاومة تنتشر
وشدد تقرير تحليلي نشرته صحيفة غارديان على أن رفض هارفارد الصريح لسياسة إدارة ترامب قد يشكل نقطة تحوّل في العلاقة بين الجامعات الأميركية والحكومة، خاصة في ظل ما وصفه بمحاولة البيت الأبيض فرض رقابة أيديولوجية على التعليم العالي.
ويرى التقرير أن مطالب ترامب بإلغاء برامج التنوع وتعيين أساتذة من “وجهات نظر متنوعة” ما هو إلا غطاء لهجمة أوسع على الفكر الليبرالي في الجامعات.
وأشار إلى أن رفض هارفارد القاطع لتلك المطالب رغم تهديدات الإدارة، منح جامعات ومؤسسات قانونية أخرى الجرأة اللازمة للوقوف في وجه ما اعتبره “تغوّلا سلطويا” على الحرّيات الأكاديمية والدستورية.
إعلان
وفي هذا الصدد، أكدت وول ستريت جورنال أنه بينما قد تتكبد هارفارد ثمنا باهظا سياسيا وماليا جراء موقفها، فإنه جعلها رمزا للمقاومة الأكاديمية ضد التدخل الحكومي في الشؤون الجامعية.
ففور انتشار خبر موقف هارفارد، رفع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة برينستون وجامعات أخرى دعوى قضائية ضد وزارة الطاقة الأميركية، لمنع تخفيضات في المنح البحثية الفدرالية، قالت الوكالة إنها ستوفر 405 ملايين دولار سنويا، وفق وول ستريت جورنال.
ويوم الثلاثاء، أعرب كل من رئيس جامعة ستانفورد جوناثان ليفين وعميدة الجامعة جيني مارتينيز عن دعمهما لجامعة هارفارد وتعهدا بمقاومة ترامب، وفق التقرير.
تنديد بمن استسلم
وبدوره، وصف ديفد إغناتيوس -في مقال نشرته واشنطن بوست– موقف هارفارد بأنه بطولي ونبيل في مواجهة الابتزاز السياسي والاقتصادي “المهين” من إدارة ترامب.
وأكد أن الحرية ليست مجانية وأن الدفاع عنها واجب، وهارفارد قامت بهذه المهمة بشجاعة نادرة، وفق تعبيره، وقالت للمتنمر ترامب وسياساته “لا”.
وبينما مدحت الصحف عامة موقف هارفارد، أدانت المؤسسات التعليمية الأخرى، وفي مقابلة مع موقع إنترسبت انتقد الأستاذ الجامعي جوزيف ستيغليتز -وهو اقتصادي أميركي شهير حاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001 وأحد أبرز الأساتذة في جامعة كولومبيا– تراجع بعض الجامعات أمام ترامب، أولهم كولومبيا.
وبرأيه، فقد تنازلت الجامعة عن مبادئها بموافقتها على مطالب الإدارة، خصوصا فيما يتعلق بتعيينات الأساتذة ومراقبة قسم دراسات الشرق الأوسط، الذي فُرض عليه نوع من “الوصاية الأكاديمية”.
وعبّر ستيغليتز عن قلقه إزاء استهداف الطلاب الفلسطينيين ومحاولات ترحيلهم، واصفا هذه التصرفات بأنها جزء من نمط متعمد للترهيب ومنع الاحتجاجات واستهداف فئات معينة من الطلاب.
وخلص إلى أن المال مهم لاستمرار الجامعات، ولكن الأهم هو الحرية الأكاديمية وحرية التعبير والتفكير، معلقا بأنه “إذا خسرنا حريتنا الأكاديمية، فقد خسرنا كل شيء”.
إعلان
المصدر : إنترسبت + الواشنطن بوست + بلومبيرغ + وول ستريت جورنال