سورة الضحى من السور المكيّة، ويأتي ترتيبها بعد سورة الليل، وقبل سورة الشرح من الجزء الثلاثين؛ وهو آخر جزء في المصحف الشريف.
ورقم سورة الضحى من حيث الترتيب التسلسلي في المصحف الشريف، هو 93 من أصل 114 سورة كريمة، وعدد آياتها 11 آية، وأمّا ترتيبها من حيث الترتيب الزمني والترتيب النزولي، فنزلت هذه السّورة الكريمة بعد سورة الفجر.
سبب نزول سورة الضحى
نَزلت سورة الضحى على النَّبي- صلّى الله عليه وسلم- بعد نزول الوحي بفترةٍ وجيزةٍ، وقد اشتملت هذه السّورة الكريمة على معانٍ وقِيمٍ إنسانيّةٍ عظيمة متمثّلةٍ في الإحسان والعطف والرِّفق باليتيم والسَّائل المُحتاج للمساعدة، وكان نزول القرآن مفرّقًا على قلب النبي صلّى الله عليه وسلم وليس دفعةً واحدة، وكانت نزول الآيات حسب المواقف والأسباب.
ولسورة الضحى أسباب أوردها العلماء، وقد تعددت الرِّوايات التي ذُكرت عن سبب نزول هذه السُّورة، ولعلّ من أبرزها ما يلي: تَعِبَ النَّبي- صلّى الله عليه وسلم فلم يستطع الخروج من بيته لمدة ليلةٍ أو ليلتين، فجاءته امرأةٌ، قيل: هي زوجة أبي لهب وتُدعى أم جميلٍ، وقالت للنّبي صلّى الله عليه وسلم: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا قد تركك -وكان كفّار قريشٍ يتَّهمون النّبي بالتَّعامل مع الجنّ- فنزل قول الله تعالى: «وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ».
وتَذكُرُ الرِّواية الثَّانية أنَّ كفّار قريشٍ بدأوا بالتَّحدث في شأن انقطاع الوحي عن النّبي صلّى الله عليه وسلم، فقالوا: قلاه ربّه؛ أي تركه وتخلَّى عنه، فنزل جبريل عليه السَّلام بهذه السُّورة.
ويقول الحق تبارك وتعالي: والضحي والليل إذا سجي, ماودعك ربك وماقلي, وللآخرة خير لك من الأولي, ولسوف يعطيك ربك فترضي.[ الآيات الأولي من سورة الضحي].
جاء في صحيح البخاري عن جندب بن سفيان قال: اشتكي رسول الله صلي الله عليه وسلم, فلم يقم ليلتين او ثلاثا, فجاءت امرأة فقالت: يامحمد, اني لارجو أن يكون شيطانك قد تركك لم اره قربك; منذ ليلتين او ثلاث فأنزل الله تعالي: والضحي والليل إذا سجي ماودعك ربك وماقلي أخرجه البخاري في التفسير بدون ذكر اسم المرأة,
وقد ذكر اسمها ابن كثير في تفسيره من حديث ابن ابي حكيم فقال: إنها العوراء بنت حرب اخت ابي سفيان وهي حمالة الحطب زوج ابي لهب وقد اختلف العلماء في المدة التي احتبس فيها جبريل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال ابن جريح: احتبس عنه الوحي اثني عشر يوما, وقال ابن عباس: خمسة عشر يوما, وقال مقاتل اربعين يوما, فقال المشركون ان محمدا ودعه ربه وقلاه, ولو كان امره من الله لتابع عليه, كما كان يفعل بمن كان قبله من الانبياء, فنزلت الآيات واصح ماقيل في ذلك رواية البخاري كما قال كثير من العلماء.
معني القول الحكيم: لقد صدرت هذه السورة بقسم الله تعالي بالضحي, وهو اول النهار عند ابتداء طلوع الشمس, ويلاحظ ان القسم كثر في السور المكية, وغالبا مايكون بالآيات الكونية, فقدأقسم تعالي بالفجر وبالشمس والقمر, والبلد الامين, وبالسماء والطارق وبالعصر وغير ذلك لأن المشتركين كانوا يكذبون بالبعث وينكرون رسالة محمد فجاءت السور المكية ترد علي افتراءاتهم وأكاذيبهم وتقسم لهم علي طريقة العرب في تأكيد الامر بالقسم علي صدق رسالة محمد وعلي مجئ البعث والنشور وعلي ان القرآن حق منزل من عند الله تعالي
لماذا أقسم الله بسورة الضحى ؟
وفي سورة الضحي يقسم الله تبارك وتعالي لنبيه وحبيبه صلي الله عليه وسلم بقسمين من آياته الكونية هما: الضحي والليل, أن ربه ماهجره وماقلاه ولا ابغضه, بل هو محفوظ بعناية الله, مقرب عند ربه, وذلك ردا علي مازعمه المشركون ان ربه قد هجره وودعه, ماتوجه اليه الآيات: من اهم ماتوجه اليه هذه الايات: أنها بشارة سارة للرسول الكريم تثلج صدره وتبهج نفسه وتعلي قدره فالله لم يتركه وسيعطيه من المنن مالم يعطه لاحد غيره وإنها لصفعة لاعدائه الكفار الذين قالوا ان ربه هجره, ورد عليهم وتسفيه لقولهم, كما ان الآيات توضح ان انقطاع الوحي لفترة كان لطفا بالنبي صلي الله عليه وسلم ليزداد شوقه الي الوحي, كما ان انقطاع نور الشمس بالليل لطف بالبشر حيث يخلدون الي الراحة والهدوء فالامر اذن علو شرف وازدياد شوق, واشراق بعد ظلمة, ليشرق قلب النبي بانوار الوحي الإلهي