في ظل اقتراب الين الياباني من مستوى نفسي رئيسي عند 155 ين مقابل دولار واحد بعد الهزة التي شهدتها السوق هذا الأسبوع، بدأ المستثمرون يقيمون إلى أي مدى يجب أن تتراجع العملة اليابانية قبل تدخل وزارة المالية مجدداً.
أفضى فوز ساناي تاكايشي المفاجئ في انتخابات قيادة الحزب الديمقراطي الليبرالي إلى تراجع سعر صرف العملة اليابانية إلى 152.65 ين مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى منذ فبراير، وتسجيل قاع جديد مقابل اليورو. كما أدى إلى رد فعل من وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو، الذي صرّح الثلاثاء بأنه سيراقب عن كثب أي تحركات مفرطة في سوق صرف العملات الأجنبية.
قال راجيف دي ميلو، المدير العالمي لمحافظ الاستثمار المعتمدة على أوضاع الاقتصاد الكلي في “غاما أسيت مانجمنت” (GAMA Asset Management)، إن “وزارة المالية اليابانية وبنك اليابان لا يرغبان في حدوث تراجع حاد في الين، وتثير عودة سعر الصرف إلى نطاق يتراوح ما بين 150 و160 قلقهما. يُرجح أن يبدأ الأمر بتوجيهات كلامية، لكن التدخل الفعلي قد يحدث قريباً إذا استمر الين في التراجع”.
فوز تاكايشي يضغط على الين وتوقعات أسعار الفائدة
تراجع الين بعدما قلّص فوز تاكايشي توقعات رفع بنك اليابان أسعار الفائدة في أكتوبر، فيما هبطت السندات طويلة الأجل جراء القلق من تحفيز ممول بالاستدانة. ولفت أحد مستشاري تاكايشي الاقتصاديين إلى أن رفع أسعار الفائدة هذا الشهر بات صعباً على الأرجح، وأشار إلى أن التوقيت الأنسب لهذه الخطوة قد يكون في ديسمبر.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر فوز تاكايشي برئاسة وزراء اليابان على الأسواق؟
تتجه العملة اليابانية تدريجياً إلى مستويات سبق أن تدخلت الحكومة عندها في 2024، قرب 157.99، و159.45، و160.17، و161.76. وبينما تتكهن السوق بالتدخل عند مستويات محددة، أشار المسؤولون إلى أن قلقهم إزاء التقلبات ووتيرة التحركات يضاهي القلق حيال وصول العملة إلى مستويات معينة.
وقال ماريتو أويدا، العضو المنتدب بمجلس إدارة “إس بي آي إف إكس تريد” (SBI FXTRADE): “لا يوجد أي سبب يدعو لشراء الين في الفترة الحالية. إذا لم تصدر وزارة المالية تحذيرات قوية، وامتنع بنك اليابان عن توجيه أي إشارات إلى رفع أسعار الفائدة، يُحتمل أن يبلغ سعر صرف الين مستوى 155 ين مقابل الدولار”.
انتقاد أميركي للسياسة النقدية في اليابان
أشار الرئيس دونالد ترمب، المتوقع أن يزور اليابان في أكتوبر، مراراً إلى أن الدولة تتلاعب بالعملة اليابانية لمصلحتها الخاصة. وصرّح وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، لـ”بلومبرغ” في أغسطس بأن بنك اليابان يتخلف عن الركب في مواجهة التضخم، في تصريح نادر ينتقد قرارات السياسة النقدية التي يتخذها بنك مركزي أجنبي.
اقرأ أيضاً: أميركا واليابان تتعهدان بعدم التلاعب في أسعار صرف العملات
يشعر عدد من المتعاملين في السوق بقدر من الطمأنينة بعد تعيين تاكايشي وزيري مالية سابقين، شونيتشي سوزوكي وتارو أسو، في مناصب عليا في الحزب، ويشير وجودهما إلى استبعاد شروعها في تنفيذ خطط إنفاق أو تخفيضات ضريبية دون الحصول على الضوء الأخضر من وزارة المالية.
رغم ذلك، خفض “بنك أوف أميركا” توقعاته للين بعد ظهور نتائج الانتخابات، ويتوقع حالياً أن تُنهي العملة اليابانية العام عند مستوى 155 ين مقابل الدولار الواحد، مقارنةً بالمستهدف السابق عند 153، كما عدّل “دويتشه بنك” توقعاته للين من متفائلة إلى محايدة.
خسائر الين مرتبطة بمسار السياسة النقدية
إذا أبقى بنك اليابان على السياسة النقدية دون تغيير هذا الشهر، فقد يستنتج المحللون أن البنك المركزي يرجئ رفع أسعار الفائدة تجاوباً مع فوز تاكايشي، ما قد يؤدي إلى تراجع الين بشكل أكبر. وتتوقع عقود المقايضة المرتبطة بمؤشر سعر الفائدة لليلة احتمالاً بنسبة 25% لرفع أسعار الفائدة في أكتوبر، مقارنةً بأكثر من 60% قبل أسبوع.
وترى كارول كونغ، المحللة الاستراتيجية لدى “كومنولث بنك أوف أستراليا” (Commonwealth Bank of Australia) في سيدني، أن “قرار الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير سيؤدي إلى تراجع الين بشكل أكبر على الأرجح. وسيتوقف احتمال تمسك الين بأي خسائر على توقعات محافظ بنك اليابان كازو أويدا لمسار أسعار الفائدة في المستقبل القريب”.