تراجعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إلى أدنى مستوى لها تقريباً خلال العام الجاري، ترقباً لقمة تاريخية بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي تهدف إلى إنهاء حرب تسببت في انهيار تدفقات الوقود من الموردة الأكبر للقارة في وقت من الأوقات.
هبطت العقود المستقبلية للغاز في أمستردام بنحو 10% منذ بداية الشهر، لتلامس أدنى مستوى لها منذ مايو يوم الجمعة. وبينما لا يتوقع معظم المتداولين عودة وشيكة للغاز الروسي عبر الأنابيب إلى أوروبا -حتى في حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا- فإن أي تشديد أو تخفيف للعقوبات المفروضة على الطاقة الروسية قد يحمل تداعيات كبيرة على الإمدادات العالمية.
الغاز وتخفيف العقوبات
لا تزال أسعار الغاز في أوروبا أعلى من مستويات ما قبل أزمة الطاقة التي بدأت قبل أكثر من ثلاث سنوات عندما غزت روسيا أوكرانيا. في الوقت الراهن، تعتمد المنطقة على إمداداتها بشكل رئيسي من دول بعيدة مثل الولايات المتحدة وقطر، بينما جاء أقل من خُمس الإمدادات من روسيا خلال العام الماضي، لكن القارة تتنافس على تلك الشحنات مع مشترين كبار آخرين في آسيا.
اقرأ أيضاً: قمة ترمب-بوتين.. نهاية حرب أوكرانيا أم جعجعة بلا طحين؟
قد يُساهم إحياء مشاريع الغاز الطبيعي المسال الروسية، التي يخضع بعضها لعقوبات أميركية، في زيادة الإمدادات العالمية ويسهّل على أوروبا جذب الشحنات.
قال كلاوديو ستوير، زميل الأبحاث البارز في “معهد أكسفورد لدراسات الطاقة”: “مدى تخفيف العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة سيعتمد على نطاق وقف إطلاق النار من جانب بوتين، ونهاية موثوقة للحرب في أوكرانيا، والتزامات جدية بإعادة إعمار الأراضي الأوكرانية غير المحتلة”.
قبيل القمة، سعت إدارة ترمب إلى خفض التوقعات بشأن تحقيق إنجاز كبير. ويرى ترمب أن القمة تمهيد لاجتماع ثانٍ أكثر أهمية قد يشمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وربما بعض الدول الحليفة. ومن دون سلام دائم، يصعب توقّع تأثير ملموس على إمدادات الطاقة.
ترمب يهدد روسيا
مع ذلك، تُقدّر “بلومبرغ إن إي إف” أن إجمالي إمدادات الغاز الطبيعي المسال الروسي قد يصل إلى 50 مليون طن بحلول عام 2030 إذا تم رفع العقوبات ذات الصلة، أي بزيادة 50% مقارنة بعام 2024. وتواجه منشآت إنتاج مثل مشروع “أركتيك إل إن جي 2” ومحطتي تسييل غاز أصغر حالياً قيوداً.
قد يهمك أيضاً: زيلينسكي: أوكرانيا لن تتنازل عن أراض لروسيا من أجل السلام
في الوقت ذاته، حذّر الرئيس الأميركي موسكو من أنه مستعد لفرض “عواقب شديدة للغاية” إذا لم يوافق بوتين على وقف إطلاق النار. وكان ترمب قد ضاعف بالفعل الرسوم الجمركية المفروضة على الهند لتصل إلى 50% بسبب مشترياتها للنفط الروسي.
بالإضافة إلى ذلك، يُواصل ترمب الضغط على أوروبا لشراء مزيد من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، مع توقّع بدء تشغيل عدة مشاريع جديدة خلال السنوات المقبلة. وقد تعهّدت أوروبا بالتخلّي الكامل عن واردات الطاقة الروسية بحلول نهاية عام 2027.
توقعات أسعار الغاز بعد القمة
مع تراجع أسعار الغاز قبيل انعقاد القمة –رغم أن الهبوط بقي ضمن نطاق ضيق– يتوقّع محللو “إنرجي أسبكتس” (Energy Aspects)، بقيادة إريسا باسكو وجيمس واديل، أن تشهد الأسعار انتعاشاً، إذ قد تكون بالغت السوق في تقدير سرعة عودة الغاز الروسي.
كذلك قد ترتفع الأسعارإذا شددت الولايات المتحدة العقوبات على النفط والغاز الروسيين في حال غياب أي نتائج في مسار التوصل إلى اتفاق. ولحسن حظ أوروبا، فقد أحرزت تقدماً مطرداً هذا العام في زيادة كميات الغاز المُخزنة، حيث وصلت مستويات الاحتياطي إلى نحو 73%.
اقرأ أيضاً: سعر الغاز اليوم في أوروبا.. هبوط طفيف مع ترقب لقاء ترمب وبوتين
قال جان-كريستيان هاينتس، المدير التنفيذي السابق في قطاع تجارة الطاقة والذي يعمل حالياً مستشاراً مستقلاً في “وايد أنغل إل إن جي” (Wideangle LNG): “لقد اعتدنا الآن على توقّع ما لا يمكن توقّعه، سواء من ترمب أو بوتين، وهذا يفسّر سبب صعوبة اتخاذ السوق لموقف واضح”.
قبيل انعقاد القمة يوم الجمعة، تراجعت العقود الآجلة الهولندية لأقرب شهر -المؤشر القياسي لأسعار الغاز في أوروبا- بنسبة 1.4% لتسجّل 31.70 يورو في الساعة 9:55 صباحاً في أمستردام. ومن غير المرجّح صدور أي أخبار من المحادثات، التي تبدأ الساعة 3 عصراً بتوقيت نيويورك، قبل إغلاق سوق الغاز عند الساعة 6 مساءً في أمستردام. ما يعني أن تفاعلات الأسعار المحتملة لن تظهر قبل إعادة فتح السوق صباح الإثنين.