تخطط شركة سبيس إكس (SpaceX) لإدراج أسهمها في طرح عام أولي (IPO) العام المقبل، بهدف جمع عشرات المليارات من الدولارات، وفقًا لتقارير متعددة أكدتها مصادر. يمثل هذا تحولاً كبيرًا في استراتيجية الشركة الرائدة في مجال الفضاء ومؤسسها، إيلون ماسك. ويأتي هذا التوجه في ظل تزايد الاهتمام بقطاع الفضاء والاستثمارات المرتبطة به.
أفادت صحيفة وول ستريت جورنال وموقع The Information أولاً بإمكانية هذا الطرح العام في نهاية الأسبوع الماضي، وتبع ذلك تقرير لبلومبرج يوم الثلاثاء يشير إلى أن الشركة تستهدف تقييمًا بقيمة 1.5 تريليون دولار. هذا من شأنه أن يسمح لـ سبيس إكس بجمع أكثر من 30 مليار دولار. يُذكر أن سبيس إكس تتوسع بسرعة في مجالات إطلاق الصواريخ، والاتصالات القائمة على الفضاء، وغيرها.
طرح سبيس إكس العام الأولي: دوافع وتوقعات
يأتي هذا القرار في وقت تشهد فيه إيرادات سبيس إكس نموًا ملحوظًا بفضل التوسع في كوكبة الإنترنت Starlink. لطالما قاوم إيلون ماسك فكرة طرح الشركة للاكتتاب العام، معربًا عن قلقه من التدقيق العام الذي واجهته شركة تسلا، وخوفه من أن رغبات المساهمين في تحقيق عوائد مالية قد تتعارض مع هدفه النهائي المتمثل في الاستيطان على المريخ.
ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن تطورات حديثة في مجال الذكاء الاصطناعي قد تكون دافعًا رئيسيًا لهذا التغيير. شارك ماسك في تطوير الذكاء الاصطناعي منذ عام 2015 من خلال تأسيسه المشارك لشركة OpenAI، ثم أسس شركته الخاصة xAI في عام 2023. يرى ماسك تقاربًا بين هذه التقنيات، بما في ذلك القيادة الذاتية والروبوتات، والذي يعتقد أنه سيغير الحضارة بشكل كبير.
الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات الفضائية
إن جمع مبالغ كبيرة من المال في الأشهر الثمانية عشر القادمة سيوفر لماسك رأس مال كبيرًا لاستثماره في سبيس إكس، مع التركيز على هذا التقارب التكنولوجي. تخطط سبيس إكس لتطوير نسخة معدلة من قمر Starlink ليكون بمثابة أساس لبناء مراكز بيانات في الفضاء. أعلن ماسك عن ذلك على شبكة التواصل الاجتماعي X في أواخر أكتوبر.
تعتبر مراكز البيانات الفضائية فكرة جديدة نسبيًا، لكنها تحمل إمكانات كبيرة لتقديم خدمات حوسبة سريعة وموثوقة، خاصة في المناطق النائية أو التي تعاني من قيود في البنية التحتية الأرضية. قد يكون هذا التوجه جزءًا من استراتيجية أوسع لـ سبيس إكس لتوسيع نطاق خدماتها لتشمل مجالات جديدة مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
يُذكر أن أكبر طرح عام أولي في التاريخ حدث في عام 2019، عندما بدأت شركة النفط السعودية أرامكو التداول العام وجمعت 29 مليار دولار. تعتبر أرامكو من بين أكبر خمس شركات في العالم من حيث الإيرادات. من المتوقع أن يكون طرح سبيس إكس جذابًا للمستثمرين نظرًا لمكانتها المهيمنة في قطاع الفضاء، والذي يُنظر إليه على أنه “الحدود النهائية” للنمو غير المحدود.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التحول في استراتيجية سبيس إكس قد يعكس أيضًا الحاجة إلى تمويل مشاريع طموحة أخرى، مثل تطوير الجيل التالي من الصواريخ والمركبات الفضائية، وتسريع الجهود المبذولة للاستيطان على المريخ. يتطلب تحقيق هذه الأهداف استثمارات ضخمة، وقد يكون الطرح العام الأولي هو أفضل طريقة لتأمين التمويل اللازم.
تعتبر هذه الخطوة بمثابة علامة فارقة في تاريخ سبيس إكس، حيث تنتقل من شركة خاصة إلى شركة عامة تخضع لتدقيق المساهمين والجهات التنظيمية. من شأن هذا التحول أن يغير الطريقة التي تدير بها الشركة عملياتها، ويتخذ فيها قراراتها، ويتفاعل مع العالم الخارجي.
من الجدير بالذكر أن قطاع الفضاء يشهد حاليًا منافسة متزايدة، مع دخول لاعبين جدد مثل Blue Origin و Virgin Galactic. ومع ذلك، تظل سبيس إكس في طليعة هذا القطاع، بفضل تقنياتها المبتكرة وقدرتها على تنفيذ مشاريع معقدة.
في الختام، من المتوقع أن تتخذ سبيس إكس قرارًا نهائيًا بشأن الطرح العام الأولي في الأشهر القليلة المقبلة، مع تحديد موعد محتمل في العام المقبل. لا تزال هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على نجاح هذا الطرح، بما في ذلك ظروف السوق وتقييم الشركة. سيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال لمعرفة كيف ستؤثر على مستقبل سبيس إكس وقطاع الفضاء بشكل عام.






