قام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بزيارة مدينة كوبيانسك، الواقعة على خط المواجهة، يوم الجمعة، وذلك بعد أسابيع من إعلان روسيا سيطرتها على المدينة. تأتي هذه الزيارة في ظل جهود دولية مكثفة للبحث عن حلول للأزمة الأوكرانية، وتقديم ضمانات أمنية لكييف. وتعتبر كوبيانسك نقطة استراتيجية مهمة في منطقة خاركيف، حيث تدور معارك عنيفة بين القوات الأوكرانية والروسية.

الوضع في كوبيانسك وجهود السلام

أظهر مقطع فيديو نشره زيلينسكي على منصة X الرئيس وهو يرتدي سترة واقية ويتحدث أمام لافتة تالفة باللغة السيريلية تحمل اسم “كوبيانسك”. وأكد زيلينسكي أن الوضع على الأرض يتناقض مع الادعاءات الروسية، مشيدًا بجهود الجنود الأوكرانيين في الدفاع عن المدينة.

في نوفمبر الماضي، أفادت وكالة تاس الروسية للأنباء أن القوات الروسية “حررت” مدينة كوبيانسك في منطقة خاركيف الأوكرانية، استنادًا إلى إحاطة قدمها رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فاليري جيراسيموف، للرئيس فلاديمير بوتين.

مفاوضات أمنية ومواقف أوروبية

تأتي زيارة زيلينسكي بالتزامن مع استعداداته وفريقه التفاوضي لجولة جديدة من المحادثات في برلين يوم الأحد، بمشاركة المبعوث الخاص الأمريكي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لمناقشة الضمانات الأمنية لأوكرانيا.

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يجري زيلينسكي محادثات مع قادة أوروبيين حول اتفاق سياسي أوسع يهدف إلى إنهاء الحرب وتأمين سلامة أوكرانيا على المدى الطويل، بالإضافة إلى خطط لدعم التعافي والتنمية في البلاد بعد الحرب.

وأشار زيلينسكي في منشور على X إلى أنهم يركزون على إيجاد طرق لضمان أمن أوكرانيا بشكل موثوق، مؤكدًا على ضرورة عدم تكرار تجربة مذكرة بودابست والغزو الروسي.

من جانبه، صرح المستشار الألماني فريدريش ميرز بأن أي وقف إطلاق نار مستدام في أوكرانيا يجب أن يتضمن ضمانات قوية ويحمي المصالح الأمنية الأوروبية. وحذر من أن السلام لا يمكن تحقيقه على حساب الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو بدونهما.

تحذيرات الناتو وتصعيد الموقف

أعرب الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، عن مخاوف مماثلة الأسبوع الماضي، محذرًا أعضاء التحالف من أن روسيا قد تكون هدفهم التالي.

وأكد روته، خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا، أن زيادة الإنفاق الدفاعي ليست مناسبة للتهاني الذاتية في ظل استمرار الهجمات الروسية واسعة النطاق على أوكرانيا.

وحث روته الحلفاء على تعزيز الإنفاق الدفاعي والإنتاج، مشيرًا إلى أن قواتهم المسلحة يجب أن تكون مجهزة بالموارد اللازمة لحماية أوطانهم. كما حذر من أن موسكو قد تكون مستعدة لاستخدام القوة العسكرية ضد الناتو خلال خمس سنوات.

وتشير التقارير إلى أن الوضع في كوبيانسك لا يزال متقلبًا، مع استمرار القصف المتبادل بين الجانبين. وتعتبر هذه المنطقة جزءًا من الجبهة الشرقية في أوكرانيا، حيث تركز روسيا جهودها للسيطرة على المزيد من الأراضي.

تتزايد المخاوف بشأن إمكانية تصعيد الصراع، خاصة مع استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا. وتعتبر الحرب في أوكرانيا من أبرز التحديات الأمنية التي تواجه أوروبا والعالم في الوقت الحالي.

تداعيات الحرب على الأمن الأوروبي

تثير التطورات في منطقة العمليات العسكرية تساؤلات حول مستقبل الأمن الأوروبي، وإمكانية امتداد الصراع إلى دول أخرى.

وتشير التحليلات إلى أن روسيا تسعى إلى إضعاف الناتو وتقويض النظام الأمني الأوروبي القائم.

في المقابل، يسعى الغرب إلى دعم أوكرانيا وردع روسيا عن المزيد من العدوان.

من المتوقع أن تستمر المفاوضات الدبلوماسية في الأيام والأسابيع القادمة، بهدف التوصل إلى حل سياسي ينهي الحرب ويضمن أمن أوكرانيا وأوروبا. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات التي تعترض طريق السلام، بما في ذلك الخلافات حول الوضع المستقبلي للأراضي المتنازع عليها، والضمانات الأمنية، ومساءلة روسيا عن جرائم الحرب.

ما يجب مراقبته في الفترة القادمة هو نتائج محادثات برلين، وموقف روسيا من أي مبادرات سلام جديدة، وتطورات الوضع على الأرض في أوكرانيا، وخاصة في منطقة كوبيانسك.

شاركها.