في الجزء الرابع من مقابلته الخاصة مع الجزيرة نت، أطلق جو سيمز، زعيم الحزب الشيوعي الأميركي، سلسلة من التصريحات الجريئة، مسلطا الضوء على رؤية حزبه للواقع السياسي الأميركي والدولي، مع تركيز لافت على القضية الفلسطينية وتأثير اللوبيات داخل الولايات المتحدة.

كما أعرب سيمز عن احترامه العميق لحركات المقاومة الفلسطينية، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني وحده مَن يمتلك حق اختيار قياداته وتقرير مصيره دون وصاية خارجية.

جو سيمز يعرب عن احترامه العميق لحركات المقاومة الفلسطينية (رويترز)

وشدد على أن هذا المبدأ يمثل جوهر موقف الحزب من القضية، انطلاقا من الإيمان بحق الشعوب في تقرير مصيرها بحرية.

وفي سياق أوسع، أشار سيمز إلى أن مشاهد القمع والفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة تجد صدى لدى قطاعات واسعة داخل المجتمع الأميركي، لا سيما بين المجتمعات الملوّنة.

ولفت إلى أن الموجة الأولى من الاحتجاجات الأميركية ضد الحرب على غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، انطلقت من الفلسطينيين والعرب الأميركيين، ثم انضمت إليها حركات شبابية من أصول أفريقية ولاتينية وآسيوية، قبل أن تتسع وتشمل شبابا بيضا، مما يعكس عمق التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية.

مظاهرة شبابية تعكس توسّع رقعة التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية عقب الحرب الأخيرة على غزة (رويترز)

وتوقف سيمز عند موقف الكنيسة الأميركية الأفريقية، التي اعتبرها من أوائل المؤسسات التي اتخذت موقفا علنيا ضد السياسات الأميركية تجاه إسرائيل، مشيرا إلى إعلان نشرته هذه الكنيسة في صحيفة نيويورك تايمز ينتقد دعم إدارة بايدن السابقة لتل أبيب.

جو سيمز: الكنيسة الأميركية الأفريقية اتخذت موقفا ضد السياسات الأميركية تجاه إسرائيل (رويترز)

أما بشأن الحل السياسي، فأكد زعيم الشيوعيين في أميركا أن القرار النهائي يجب أن يظل بيد الفلسطينيين أنفسهم. ومع ذلك، أوضح أن الأحزاب اليسارية الشريكة لحزبه في فلسطين وإسرائيل لا تزال ترى في حل الدولتين خيارا واقعيا، رغم قناعتها بأن إسرائيل عمليا جعلت هذا الحل شبه مستحيل عبر التوسع الاستيطاني وفرض الحصار على غزة.

وفي حديثه عن جماعات الضغط، اعتبر سيمز أن النفوذ الصهيوني داخل الولايات المتحدة -ممثلا في جماعة “أيباك” والتحالف مع المسيحيين المتصهينين- ليس سوى جزء من معادلة أكبر تشمل شركات عملاقة ولوبيات من النخب البيضاء الأنجلو ساكسونية.

وأكد أن هذه القوى تحتكر القرار السياسي في البلاد، وتفرض رؤيتها المشتركة على قضايا حساسة مثل السياسة تجاه الشرق الأوسط، والنفط، والتسلّح، والصين.

هل انتهى شهل العسل" بين نتنياهو وترامب؟، رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يخشى الصدام مع الرئيس الأميركي مكتب الصحافة الحكومي
سيمز: الدعم الأميركي لإسرائيل تجاوز 12 مليار دولار وهذه الأموال كان يمكن أن تُستخدم في معالجة أزمات داخلية (رويترز)

واعتبر أن توجيه مليارات الدولارات من الدعم العسكري لإسرائيل -التي تجاوزت 12 مليار دولار منذ الحرب الأخيرة- يُعد تبديدا للموارد الأميركية، مشيرا إلى أن هذه الأموال كان يمكن أن تُستخدم في دعم الفلسطينيين المتضررين، أو في معالجة أزمات داخلية كحرائق كاليفورنيا.

وختم سيمز حديثه بالتأكيد على ضرورة إنهاء هيمنة الشركات العابرة للحدود على القرار الأميركي، معتبرا أن هذه المهمة العاجلة -رغم صعوبتها- ليست مستحيلة، مشبها الوضع بالنهاية المفاجئة لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، حين خرج نيلسون مانديلا من السجن في مشهد غير متوقع وغير مسبوق.

تعكس تصريحات سيمز وجهة نظر يسارية ترى أن التغيير في الولايات المتحدة ممكن، وأن التضامن الشعبي العابر للأعراق والانتماءات قد يكون مفتاحا لإعادة تشكيل السياسة الأميركية، داخليا وخارجيا، نحو مزيد من العدالة والإنسانية.

شاركها.