|

في ظل انعدام الأمن الغذائي وتراجع دخول المساعدات إلى قطاع غزة، يضطر فارس حسونة، الأب لستة أطفال، إلى الخروج فجرا سيرا على الأقدام مسافة عدة كيلومترات، بحثا عن كيس طحين يسدّ به جوع أطفاله الذين لم يتناولوا الخبز منذ أكثر من أربعين يوما.

نازحون فلسطينيون يحاولون انتزاع أكياس دقيق من شاحنة مساعدات في زيكيم شمال قطاع غزة (الأوربية)

ويعيش حسونة وأسرته في خيمة بمدينة غزة بعد أن دمرت الحرب منزله، ويقول إن المحاولات المتكررة للحصول على المساعدات باءت بالفشل، وإنه لم يعد عنده ما يقدّمه لأطفاله سوى المخاطرة اليومية بالخروج في ظل القصف وانعدام الأمان.

رحلة فارس من أجل الطحين.. أب في غزة يُقايض روحه برغيف خبز
فارس حسونة أب لستة أطفال من غزة يقطن في خيمة عقب تدمير منزله خلال الحرب الإسرائيلية (رويترز)

ولم يكن وصول كيس الطحين إلى الخيمة حدثا عاديا، بل استقبل أفراد العائلة فارس بالتصفيق والزغاريد، وعندما وضع الكيس على الأرض ارتمى عليه كما لو أنه غنيمة حرب.

رحلة فارس من أجل الطحين.. أب في غزة يُقايض روحه برغيف خبز
العائلة لم تتناول الخبز منذ أكثر من أربعين يوما بسبب منع المساعدات من جانب إسرائيل (رويترز)

وأضاف بحسرة: “لا نريد مفاوضات ولا هدنة، فقط دعوا الطحين والماء يمرّان. أريد أن أنام دون كوابيس عن أطفالي وهم يتضوّرون جوعا”.

رحلة فارس من أجل الطحين.. أب في غزة يُقايض روحه برغيف خبز
الأب الغزّي خرج فجرا سيرا على الأقدام باحثا عن كيس طحين لأطفاله الجائعين (رويترز)

وقصة فارس ليست استثناء، بل واحدة من آلاف القصص في غزة حيث يُقدّر أن المجاعة وصلت مراحل كارثية بحسب منظمات أممية، في ظل استمرار الحصار وتعطّل دخول المساعدات، بينما تسجّل وزارة الصحة في غزة ارتفاعا حادّا في معدلات سوء التغذية، خاصة بين الأطفال.

جيش الاحتلال يدعي أنه سمح بتسهيل مرور قوافل المساعدات الإنسانية في أجزاء من قطاع غزة (الأوروبية)

ووفقا لأحدث تقارير شبكة معلومات الأمن الغذائي العالمية (IPC)، يعيش أكثر من نصف سكان غزة –نحو 1.1 مليون شخص– في ظروف “كارثية” من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة الخامسة)، وهي أعلى درجات التصنيف، حيث لا يجد السكان ما يأكلونه لعدة أيام متتالية.

Hidaya, a 31-year-old Palestinian mother, sits with her sick 18-month-old son Mohammed al-Mutawaq, who also displays signs of malnutrition, inside their tent at the Al-Shati refugee camp in Gaza City, Palestine, on July 25, 2025. (Photo by Majdi Fathi/NurPhoto via Getty Images)Hidaya, a 31-year-old Palestinian mother, sits with her sick 18-month-old son Mohammed al-Mutawaq, who also displays signs of malnutrition, inside their tent at the Al-Shati refugee camp in Gaza City, Palestine, on July 25, 2025. (Photo by Majdi Fathi/NurPhoto via Getty Images)
الرضيع محمد المطوق البالغ من العمر 18 شهرا يعاني من علامات سوء التغذية (غيتي)

كما حذّرت أونروا من أنّ الأطفال في مناطق شمال غزة تظهر عليهم علامات واضحة على الهزال وسوء التغذية الحاد، في ظل انهيار شبه تام لنظام الإمداد الغذائي وغياب أي إنتاج محلي بسبب الحرب.

GAZA CITY, GAZA - JULY 26: Seven-month-old Salim Mahmoud Awad suffers significant weight loss due to the lack of baby formula and food after being displaced to Gaza City, Gaza with his family, on July 26, 2025. Struggling with malnutrition, the infant's health continues to deteriorate as Israel's strict blockade on the Gaza Strip pose a serious threat to the lives of infants. ( Ahmed Jihad Ibrahim Al-arini - Anadolu Agency )
الرضيع سليم محمود عوض البالغ من العمر 7 أشهر يعاني من فقدان كبير في الوزن بسبب نقص حليب الأطفال (الأناضول)

وكانت إسرائيل قد أعلنت الأحد 27 يوليو/تموز عن وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة عشر ساعات في بعض مناطق القطاع، تزامنا مع إسقاط مساعدات جويّة من الأردن والإمارات، في محاولة لاحتواء الغضب الدولي المتزايد من الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة، والتي وصفها مراقبون بأنها الأخطر في التاريخ الحديث للقطاع.

رحلة فارس من أجل الطحين.. أب في غزة يُقايض روحه برغيف خبز
المعاناة دفعت فارس إلى توديع أسرته في كل مرة يخرج فيها طلبا للغذاء (رويترز)

لكن بالنسبة لفارس، فإن كل ذلك يبدو بعيدا عن خيمته، حيث تدور معركته اليومية حول هدف واحد: تأمين رغيف خبز لأطفاله.

شاركها.