في أزقة حي المزة بالعاصمة السورية دمشق، يتذكر جيران الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع (43 عاما) تفاصيل حياته بين طفولته وفتوته.

وقاد الشرع، الذي أُعلن -أمس الأربعاء- توليه رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية، هجوم الفصائل السورية الذي انتهى بالسيطرة على دمشق في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، منهيا بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث و53 عاما من حكم عائلة الأسد.

ومنذ اليوم التالي للإطاحة بنظام بشار الأسد (2000-2024)، تدير حكومة برئاسة محمد البشير مرحلة انتقالية، بتكليف من الشرع قائد الإدارة السورية الجديدة آنذاك.

قليل الكلام هادئ الطبع

يتذكر محمد العربي، وهو حلاق في حي المزة، الأيام الأولى لعودة الطفل الذي كُتب له فيما بعد أن يقود البلاد في مرحلة مفصلية من تاريخها، فيقول “كان السيد أحمد الشرع طفلا حين عاد من السعودية. كان طالبا في الصف الرابع أو الخامس، ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة عمر بن الخطاب، ثم انتقل إلى مدرسة عمر بن عبد العزيز”.

ويضيف “كان يذهب إلى مسجد الشافعي وكوَّن صداقات فيه، وبعد إكماله المدرسة الثانوية، بدأ الدراسة في الجامعة، ولكنه لم يكمل تعليمه”.

وقال العربي إن الشرع كان ودودا مؤدبا لطيفا، وكان قليل الكلام هادئ الطبع.

وتابع “أسرته كانت كريمة معروفة، وكان والده يمتلك مكتب عقارات، وشقيقه يمتلك بقالة، ولديه بضعة إخوة”.

وأكد العربي أنه أصيب بالدهشة حين رأى الشرع على شاشة التلفاز، وقال “لم أتوقع أن يصل إلى هذا المنصب، ولكن ما شاء الله، هو قائد حقا. إنه رجل حرر دمشق والحمد لله”.

وعن زيارة الشرع لحيه بعد دخوله دمشق، قال العربي “زارنا فجأة، وتجمع الناس حوله، فجاء وسلم عليّ بصدق، وسأل عن حالي وصحتي وأصدقائي وإخوتي”.

واستطرد “أنقذنا من الظالم، وكنا سعداء، ولكننا أيضا شعرنا بفرحة عظيمة مع وصول أحمد الشرع”.

أحبه جيرانه كثيرا

جار آخر شاهد على طفولة الشرع، يدعى محمد أصفهاني، يدير بقالية في الشارع الذي يقع فيه منزل الشرع بالمزة منذ عام 1996، قال “كان لي شرف فتح بقالية هنا، يوجد هنا مسجد الشافعي، وموظفو المسجد أناس طيبون جدا، أولهم أستاذنا أبو الخير شكري، والأستاذ الشيخ أحمد (الشرع) كان أيضا أحد طلابه”.

وأوضح أن الشرع كان يساعد المحتاجين ممَّن يريدون الذهاب إلى العمرة في شبابه بجمع المال لهم.

وأضاف “أي شخص تسأله سيخبرك أنه لم تكن لديه أي مشاكل مع أحد ولم يزعج أحدا”.

وأوضح “كان جيرانه يحبونه كثيرا. وأنا شاهد على ذلك”، كما أكد أن الشرع ينتمي لأسرة مثقفة متعلمة.

يحب القراءة والتاريخ

أما إمام مسجد الشافعي في المزة، محمد أبو الخير شكري فقال “أعتقد أن السيد أحمد الشرع جاء إلى مسجدنا عام 1997 أو 1998 في سن مبكرة، وتلقى تعليمه في القرآن الكريم. وأعتقد أنه حفظ جزءا من القرآن هنا”.

واعتبر أن القيادة كانت في فطرة الشرع، وكان يحب قيادة أصدقائه في أنشطتهم خارج المنزل.

وأشار إلى أن الشرع كان يحب القراءة، لا سيما قراءة التاريخ، وكان يقرأ التاريخ القديم والحديث.

وأضاف أن الشرع تلقى العلم منه 4 سنوات تقريبا، وكان من طبعه الوقوف ضد الظلم، لذلك ترك بلده وذهب إلى العراق للدفاع عن أهله هناك.

ولفت شكري إلى أن الشرع أسس حكومة ووزارات خلال وجوده في إدلب شمال غربي سوريا.

وأضاف “في إدلب كان انتقال الشرع من فهمه الثوري إلى فهم الدولة مهما جدا.. انتقل من نظرته الدينية إلى فهم الأمة والدولة”.

وأكد إمام مسجد الشافعي في المزة أهمية مراعاة القيم الاجتماعية في البلاد، مشددا على أن السلطات الجديدة يجب ألا تميل إلى شريحة واحدة من سوريا.

وأوضح أن “الشرع اتجه إلى الاعتدال المعروف بالـ(المدرسة الدمشقية) فكريا”.

وقال “أعتقد أن أحمد الشرع قائد ناجح، وهو شخص مميز للغاية، لأنه يولي أهمية كبيرة للقراءة والعلم. إنه دبلوماسي جدا، ويدير سياسة ذكية في بناء سوريا الجديدة”.

وعندما سئل عما إذا كان الشرع يملك القوة لحكم البلاد، قال شكري “أنا أقول هذا دائما، الحكم لا يمكن أن يقوم به شخص واحد، يجب أن يكون هناك قائد وحاشيته”.

وأضاف “إذا لم نسانده لن ينجح، أحضروا سيدنا عمر (بن الخطاب) أو غيره، إذا لم يكن معه أحد سيخفق، على القائد أن يكون معه أصدقاؤه وشعبه، ونحن نرى شعبنا يتجمع حول الشرع”.

لقاء الشرع بشيخه

وعن لقائه بالشرع في دمشق قال شكري “رحب بي ترحيبا حارا حين زرته، وقبّل جبهتي، وتحدثنا عن كيفية بناء سوريا الجديدة، وكيف يمكننا جمع كل أطياف المجتمع”.

وأضاف “إذا كانت لدينا أي نصيحة له، فسننقلها إليه. وإذا رأينا خطأ، فمن واجبنا الإبلاغ عنه. خلال زيارتنا الأخيرة، نقلنا له نصيحة فيما يتعلق ببناء سوريا”.

وأكد أن الشرع وحاشيته تسلموا إدارة البلاد بحمل ثقيل، وقال “أعتقد أننا نحتاج إلى الكثير من الوقت. نسأل الله أن يعينه وفريقه. نسأل الله أن يوفقهم في إعادة بناء هذا البلد”.

شاركها.