أثار تعيين الدكتور هارفي ريش، وهو عالم أوبئة سبق له التكهن بوجود صلة بين لقاحات كوفيد-19 و”السرطان المتسارع” لدى الشباب، لرئاسة اللجنة الرئاسية للسرطان في الولايات المتحدة، جدلاً واسعاً. يأتي هذا التعيين في وقت يروج فيه ريش، من خلال منصبه في شركة تبيع دواء إيفيرمكتين، لفعالية هذا الدواء في علاج السرطان، وهو ادعاء لم تثبته الأبحاث العلمية. هذا التطور يثير قلق الخبراء بشأن تأثيره المحتمل على أبحاث السرطان وجهود مكافحته.

أعلن الدكتور ريش، أستاذ علم الأوبئة المتقاعد في جامعة ييل، عن تعيينه رئيساً للجنة عبر منصة “إكس” في وقت سابق من هذا الشهر. وقد تم تحديث صفحته الشخصية على موقع جامعة ييل لتعكس هذا التعيين، مشيرةً إلى أنه سيتولى المنصب في نوفمبر 2025. ومع ذلك، لم يصدر أي إعلان رسمي من الرئيس أو البيت الأبيض، كما أن قائمة الأعضاء الحاليين للجنة السرطان على موقعها الإلكتروني لا تتضمن اسم ريش.

تعيين مثير للجدل لرئيس اللجنة الرئاسية للسرطان

تتمثل مهمة اللجنة الرئاسية للسرطان، وفقاً لموقعها الإلكتروني، في مراقبة “تطوير وتنفيذ أنشطة البرنامج الوطني للسرطان وتقديم تقارير إلى الرئيس بشأن التقدم والفعالية والفرص المتاحة للتحسين”. يعني هذا أن الدكتور ريش سيكون مسؤولاً عن الإشراف على جهود رئيسية في مجال تمويل أبحاث السرطان والتدريب.

لطالما دافع ريش عن علاجات غير مثبتة لكوفيد-19، مثل هيدروكسي كلوروكين وإيفيرمكتين، بل وروج لها في شهادته أمام الكونجرس. إضافة إلى ذلك، أعرب مؤخراً عن شكوكه حول سلامة لقاحات كوفيد-19، متسائلاً عما إذا كانت تسبب “السرطان المتسارع” – وهو مصطلح يستخدم لوصف تطور السرطان بشكل سريع وغير عادي.

قلق الخبراء من تأثير التعيين على أبحاث السرطان

يعبر خبراء في مجال الأورام عن قلقهم العميق من أن يؤدي هذا التعيين إلى تقويض الأبحاث الجادة حول أسباب وعلاج السرطان. يرى الدكتور ديفيد جوريسكي، وهو أخصائي جراحة أورام، أن وجود ريش في اللجنة سيكون “كارثة على مرضى السرطان”، لأنه سيقوم بـ “إدخال نظريات المؤامرة والعلوم الزائفة والمطالبات الكاذبة حول السرطان في تقارير اللجنة”.

ويتفق معه خبير آخر، تحدث لـ WIRED شريطة عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام، قائلاً إنه قلق من أن معتقدات ريش القريبة من نظريات المؤامرة قد تتسرب إلى البرنامج الوطني للسرطان، وهو جهد طويل الأمد لتنسيق تمويل الأبحاث والتدريب في مجال السرطان. هناك مخاوف متزايدة من أن هذا التعيين قد يفتح الباب أمام الترويج لعلاجات بديلة غير فعالة، مثل إيفيرمكتين، لعلاج السرطان على المستوى الفيدرالي.

الجدير بالذكر أن دواء إيفيرمكتين، الذي يستخدم عادةً لعلاج الطفيليات في الحيوانات والبشر، لم يثبت فعاليته في علاج السرطان أو كوفيد-19. على الرغم من ذلك، فقد اكتسب شعبية بين بعض الجماعات التي تروج لنظريات المؤامرة حول الرعاية الصحية، خاصةً خلال جائحة كوفيد-19. الترويج له كعلاج للسرطان يثير قلقاً خاصاً، حيث يمكن أن يؤدي إلى تأخير أو التخلي عن العلاجات الطبية المثبتة.

هذا التعيين يمثل تحدياً إضافياً للجهود المبذولة لمكافحة المعلومات المضللة حول الصحة، والتي تفاقمت خلال الجائحة. يؤكد الخبراء على أهمية الاعتماد على الأدلة العلمية والتشاور مع المتخصصين في الرعاية الصحية لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن العلاج.

البرنامج الوطني للسرطان: نظرة عامة

البرنامج الوطني للسرطان هو مبادرة حكومية أمريكية تهدف إلى تقليل عبء السرطان من خلال تحسين الأبحاث والعلاج والوقاية. تأسس البرنامج في عام 1971، وقد لعب دوراً حاسماً في تحقيق تقدم كبير في فهم وعلاج السرطان. تشمل أهداف البرنامج تطوير علاجات جديدة وأكثر فعالية، وتحسين جودة حياة مرضى السرطان، وتقليل معدلات الوفيات.

يعتمد البرنامج على شبكة من المراكز البحثية والمستشفيات والمنظمات الأخرى في جميع أنحاء البلاد. تتعاون هذه المؤسسات لتبادل المعرفة والموارد وتسريع وتيرة الاكتشافات العلمية. تلعب اللجنة الرئاسية للسرطان دوراً مهماً في توجيه جهود البرنامج وتقديم المشورة للرئيس بشأن السياسات المتعلقة بالسرطان.

في الوقت الحالي، لا تزال تفاصيل تأثير تعيين الدكتور ريش على البرنامج الوطني للسرطان غير واضحة. من المتوقع أن يقدم الرئيس تقريراً سنوياً إلى الكونجرس حول التقدم المحرز في مكافحة السرطان، وسيكون هذا التقرير أول اختبار حقيقي لتأثير ريش على سياسات السرطان الوطنية. من المهم مراقبة التطورات القادمة وتقييم ما إذا كان هذا التعيين سيؤدي إلى تغييرات كبيرة في طريقة تمويل أبحاث السرطان وتنفيذها.

من المقرر أن تبدأ اللجنة الرئاسية للسرطان اجتماعاتها الرسمية في الأشهر المقبلة. سيراقب المراقبون عن كثب ما إذا كانت اللجنة ستتبنى نهجاً قائماً على الأدلة العلمية، أو ما إذا كانت ستتأثر بآراء الدكتور ريش حول العلاجات البديلة والشكوك حول لقاحات كوفيد-19. المستقبل سيحدد ما إذا كان هذا التعيين سيؤدي إلى تعزيز أو إعاقة التقدم في مكافحة **السرطان**.

شاركها.