أكد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا أن الاتحاد الأوروبي لن يقبل بأي تدخل في سياساته، وذلك ردًا على الإستراتيجية الأمنية القومية الجديدة للولايات المتحدة والتي تضمنت انتقادات حادة للسياسات الأوروبية. وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوترات بين الجانبين حول قضايا مثل الهجرة والسيادة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات عبر الأطلسي. هذا الخلاف يضع الأمن القومي في بؤرة الاهتمام.
جاء رد كوستا خلال كلمته في معهد جاك ديلور، حيث شدد على أن الولايات المتحدة لا يحق لها أن تقرر أي الأحزاب السياسية “جيدة” أو “سيئة” بالنسبة لأوروبا. وأشار إلى أن هذه الإستراتيجية تتجاوز الاختلافات في الرؤى العالمية، وتصل إلى حد عدم احترام سيادة الدول الأوروبية.
انتقادات أمريكية للسياسات الأوروبية و تداعياتها على الأمن القومي
أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب يوم الجمعة عن وثيقة تحدد الإستراتيجية الأمنية القومية الجديدة للولايات المتحدة. وتضمنت الوثيقة انتقادات صريحة للعديد من السياسات الأوروبية، خاصة تلك المتعلقة بالهجرة، مع تأكيد دعم واشنطن للمعارضين لهذه السياسات داخل أوروبا. وتعتبر هذه الوثيقة بمثابة تحول في السياسة الخارجية الأمريكية.
وتتهم الإستراتيجية الجديدة أوروبا بتقويض الحرية السياسية والسيادة، والحد من حرية التعبير، وقمع المعارضة السياسية، بالإضافة إلى انخفاض معدلات الإنجاب وفقدان الهوية الوطنية. وتشير الوثيقة إلى أن هذه التطورات تشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي.
ردود الفعل الأوروبية الأولية
أثارت هذه الانتقادات موجة من الغضب والاستياء في الأوساط السياسية الأوروبية. ووصف العديد من المسؤولين الأوروبيين الإستراتيجية الأمريكية بأنها “تدخل سافر” في الشؤون الداخلية للاتحاد الأوروبي. كما أعربوا عن قلقهم بشأن التداعيات المحتملة لهذه الإستراتيجية على التعاون عبر الأطلسي.
في فبراير الماضي، أثار نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس جدلاً واسعًا عندما صرح في مؤتمر ميونخ للأمن بأن حرية التعبير “تتراجع” في أوروبا. وقد اعتبر هذا التصريح بمثابة إهانة للقيم الديمقراطية الأوروبية. وتشكل هذه التصريحات جزءًا من سياق أوسع من التوترات بين الولايات المتحدة وأوروبا.
بالإضافة إلى ذلك، يرى بعض المحللين أن هذه الانتقادات الأمريكية تهدف إلى الضغط على أوروبا لزيادة إنفاقها على الدفاع، وتغيير سياستها التجارية، وتبني موقفًا أكثر صرامة تجاه روسيا. وتعتبر قضية الدفاع الأوروبي من القضايا الرئيسية التي تثير الخلاف بين الجانبين.
مستقبل العلاقات عبر الأطلسي و تأثيرها على السيادة الأوروبية
على الرغم من هذه الخلافات، أكد أنطونيو كوستا أن الولايات المتحدة لا تزال حليفًا وشريكًا اقتصاديًا مهمًا لأوروبا. إلا أنه شدد على ضرورة أن تكون أوروبا “سيدة” مصيرها، وأن تحترم سيادتها. وتشير هذه التصريحات إلى رغبة أوروبية متزايدة في الاستقلالية والاعتماد على الذات.
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه النظام العالمي تحولات عميقة. وصعود قوى جديدة مثل الصين والهند يضع ضغوطًا إضافية على العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا. كما أن التحديات العالمية مثل تغير المناخ والإرهاب تتطلب تعاونًا دوليًا وثيقًا.
من المتوقع أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة المزيد من المناقشات والتبادلات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وأوروبا. وسيكون من المهم مراقبة كيفية تطور هذه الخلافات، وما إذا كانت ستؤدي إلى مزيد من التوتر أو إلى إيجاد أرضية مشتركة. وتعتبر قضية التعاون الأمني من القضايا التي يجب معالجتها بشكل عاجل.
في الختام، يمثل هذا الخلاف حول الإستراتيجية الأمنية القومية الأمريكية اختبارًا حقيقيًا للعلاقات عبر الأطلسي. وسيتطلب الأمر حكمة ودبلوماسية من كلا الجانبين لتجاوز هذه التحديات، والحفاظ على الشراكة الاستراتيجية التي تربط بينهما. ومن الضروري متابعة ردود الأفعال الرسمية من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال الأسبوعين القادمين لتقييم مدى التصعيد المحتمل.






