دعا مفوض الاتحاد الأوروبي أندريوس كوبيليوس، يوم الاثنين، دول الاتحاد إلى امتلاك “ضمانات متعددة” لأمنها بالإضافة إلى المادة الخامسة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، بما في ذلك تطوير “آلية واضحة” لكيفية عمل بند الدفاع المشترك الخاص بالكتلة. يأتي هذا في ظل تزايد المخاوف الأمنية في أوروبا الشرقية، و الحاجة إلى تعزيز الدفاع الأوروبي بشكل مستقل.
صرح كوبيليوس، من فيلنيوس حيث حضر مؤتمرًا بعنوان “الدفاع عن دول البلطيق 2025: دروس من الحرب في أوكرانيا”، أن دول البلطيق تعلمت من تاريخها أنه من الأفضل أن يكون لديها ضمانات متعددة لأمنها. وأضاف أن وجود ضمانات المادة الخامسة لحلف الناتو، بالإضافة إلى ضمانات المادة 42.7 للاتحاد الأوروبي بآلية واضحة للتنفيذ، سيكون أمرًا جيدًا. كما سيكون من الجيد وجود ضمانات بأن دول الجناح الشرقي ستقف على استعداد للدفاع عن بعضها البعض بنفس الطريقة التي تستعد بها للدفاع عن نفسها.
تعزيز الدفاع الأوروبي: هل المادة 42.7 كافية؟
تمت الموافقة على بند الدفاع المشترك للاتحاد الأوروبي – المادة 42.7 من معاهدة لشبونة – في عام 2007 ودخل حيز التنفيذ في عام 2009. وعلى غرار المادة الخامسة لحلف الناتو، فهو في الأساس أداة سياسية، لكنه يُنظر إليه تقليديًا على أنه أضعف مقارنة بالمادة الخامسة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى حقيقة أن معظم دول الاتحاد الأوروبي عضو أيضًا في التحالف العسكري، حيث تمارس تدريبات مشتركة بشكل منتظم تحت القيادة المباشرة لحلف الناتو.
بالإضافة إلى ذلك، يُنظر إلى مشاركة الولايات المتحدة في حلف الناتو على أنها حاسمة للدول الأوروبية الأصغر، وخاصة تلك التي تحد روسيا، والتي لديها الآلاف من القوات الأمريكية على أراضيها. ومع ذلك، فإن التغيرات الأخيرة في السياسة الأمريكية، بما في ذلك التصريحات التي أدلى بها الرئيس السابق دونالد ترامب بشأن التزامه بحلف الناتو، أثارت تساؤلات حول موثوقية هذه الضمانات.
تهديدات متزايدة وتصعيد الإنفاق الدفاعي
أكد أندريوس كوبيليوس، في كلمته الافتتاحية، على أن العديد من وكالات الاستخبارات الأوروبية ترى أن روسيا قد تكون مستعدة لاختبار المادة الخامسة لحلف الناتو قبل نهاية العقد الحالي. واستجابةً لهذا التهديد، تسارع أوروبا في إعادة التسلح، حيث قدمت المفوضية هذا العام حزمة تتوقع استثمار ما يصل إلى 800 مليار يورو في الدفاع بحلول عام 2030. حددت الاستراتيجية تسعة مجالات ذات أولوية، بما في ذلك الذخيرة والطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى أربعة مشاريع رائدة يجب تمويلها على وجه السرعة.
من بين هذه المشاريع، مشروع “جدار الطائرات بدون طيار” كجزء من “مراقبة الجناح الشرقي”، حيث تعتبر الدول الحدودية الأكثر عرضة للخطر من قبل روسيا، بما في ذلك الهجمات الهجينة وانتهاكات المجال الجوي التي أصبحت تحدث بانتظام. لكن تنفيذ هذه الحزمة يعتمد بشكل كبير على حلف الناتو، فالتحكم في الدفاع هو ولاية وطنية بحتة داخل الاتحاد الأوروبي.
وقد أعلنت الولايات المتحدة الشهر الماضي أنها لن تستبدل فرقة متمركزة في رومانيا عند انتهاء فترة انتشارها. و قد سارع كل من واشنطن وبوخارست والأمين العام لحلف الناتو مارك روت إلى التقليل من شأن المخاوف بشأن هذا الانسحاب الجزئي.
دعوات لتفعيل المادة 42.7 وتعزيز التعاون الأوكراني
إن دعوة كوبيليوس تعكس دعوة الجنرال روبرت بريجر، الذي قال قبل مغادرته منصبه كرئيس للجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا العام، إن أعلى هيئة عسكرية في الاتحاد الأوروبي أصدرت توصيات لتفعيل المادة 42.7، ووصفها بأنها “غير صالحة للمستقبل”.
كما طرح المفوض أيضًا فكرة وجود جيش أوكراني “مُختبر في المعارك” ونشر قواته في دول أوروبية أخرى كضمان أمني إضافي. ويعكس هذا الاعتراف المتزايد بأهمية القدرات العسكرية الأوكرانية وتجربتها القتالية في مواجهة التهديد الروسي.
نظرة مستقبلية
من المقرر أن يكشف كوبيليوس يوم الأربعاء عن حزمتين جديدتين للدفاع، إحداهما تهدف إلى تعزيز تبني التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية في القطاع، والأخرى إلى تحسين وتسريع التنقل العسكري في جميع أنحاء القارة الأوروبية. يبقى التحدي الرئيسي هو ترجمة هذه الخطط إلى واقع ملموس، وتحقيق التنسيق الفعال بين الدول الأعضاء، وضمان توفر التمويل اللازم. سيراقب المراقبون عن كثب مدى التزام الدول الأعضاء بتحقيق أهداف الإنفاق الدفاعي، وكيف ستتفاعل مع أي تحديات محتملة من روسيا في المستقبل القريب.






