تستأنف دمشق وموسكو جهودهما لتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما، مع التركيز على قطاعات رئيسية مثل الطاقة والبناء والسياحة. يأتي هذا التطور عقب انعقاد مجلس الأعمال المشترك بين البلدين للمرة الأولى منذ سنوات، في ظل العلاقات الوثيقة التي تربط القيادة السورية بالروسية. وتهدف هذه الخطوات إلى دعم جهود إعادة الإعمار في سوريا وجذب الاستثمارات الروسية، خاصةً مع تزايد الحاجة إلى تطوير البنية التحتية.

عقد الاجتماع في العاصمة الروسية موسكو يوم الخميس، وشهد مناقشات حول آليات تعزيز الشراكة في القطاع الخاص. صرح لؤي يوسف، المدير العام لمجلس الأعمال من الجانب السوري، بأن هناك خطة طموحة لتشجيع الشركات الروسية على الاستثمار في السوق السورية خلال عام 2026، مع إعطاء الأولوية لقطاعي الطاقة والبناء. بالإضافة إلى ذلك، يجري العمل على استئناف تصدير البضائع السورية إلى روسيا، وعلى رأسها القمح.

تعزيز الاستثمار في قطاع السياحة السوري

أبدت الشركات الروسية اهتمامًا متزايدًا بقطاع السياحة في سوريا، وتحديدًا بإنشاء فنادق ومنتجعات فاخرة على طول الساحل المتوسطي. يأتي هذا الاهتمام تزامنًا مع إعلان دمشق في سبتمبر الماضي عن حزمة مشاريع سياحية ضخمة تقدر قيمتها بـ 1.5 مليار دولار أمريكي. تهدف هذه المشاريع إلى تطوير المنشآت السياحية القائمة وإنشاء مدن ترفيهية جديدة لجذب السياح.

فرص الاستثمار في البنية التحتية

وفقًا لفلاديمير بادالكو، نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية، فإن الأولوية القصوى حاليًا تكمن في إعادة تأهيل البنية التحتية السورية المتضررة، وخاصةً في قطاع النقل. وأضاف أن قطاع الطاقة سيكون حاسمًا في عملية إعادة الإعمار، نظرًا للحاجة الماسة إلى الوقود لتشغيل الآلات والكهرباء لتشغيل المعدات.

تعتبر إعادة إعمار سوريا تحديًا كبيرًا يتطلب استثمارات ضخمة، حيث تضررت البنية التحتية بشكل واسع النطاق خلال سنوات الحرب. وتشمل هذه الأضرار الطرق والجسور والمطارات والموانئ وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي.

ضمانات الاستثمار وتحديات التعاون الاقتصادي

تطالب روسيا بتوضيحات من الحكومة السورية بشأن آليات التعامل مع المستثمرين الروس، بما في ذلك الالتزام بالاتفاقيات السابقة. ويرغب الجانب الروسي في الحصول على ضمانات قوية بشأن استرداد الأموال المستثمرة في حال حدوث ظروف غير متوقعة قد تعيق استمرار المشاريع. ومع ذلك، يدرك المستثمرون الروس أن الاستثمار ينطوي على مخاطر، وأنهم يتحملون جزءًا من هذه المخاطر في سبيل تحقيق الأرباح.

أكد الرئيس السوري بشار الأسد خلال زيارته الرسمية إلى موسكو الشهر الماضي على التزام بلاده بجميع الاتفاقيات المبرمة مع روسيا، مشيرًا إلى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين. من جانبه، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداد بلاده لتعزيز هذه العلاقات في مختلف المجالات. هذا التأكيد المتبادل يعزز الثقة بين الطرفين ويشجع على زيادة التعاون الاستثماري.

تعتبر روسيا من أهم الداعمين لسوريا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وقد قدمت مساعدات كبيرة لدمشق خلال سنوات الحرب. وتشمل هذه المساعدات الدعم العسكري والمالي والإنساني. كما أن روسيا عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وقد استخدمت حق النقض (الفيتو) لحماية سوريا من القرارات التي تعتبرها ضارة بمصالحها.

بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي، هناك مجالات أخرى للتعاون بين سوريا وروسيا، مثل التعاون العسكري والثقافي والعلمي. وتشمل هذه المجالات تبادل الخبرات والزيارات الرسمية وتنظيم الفعاليات الثقافية.

تحديات تواجه التعاون

على الرغم من التفاؤل بشأن مستقبل التعاون الاقتصادي بين سوريا وروسيا، إلا أن هناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها. تشمل هذه التحديات الوضع الأمني غير المستقر في سوريا، والعقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، والبيروقراطية والفساد.

من المتوقع أن يعقد مجلس الأعمال المشترك اجتماعًا آخر في غضون الأشهر القليلة القادمة لمتابعة التقدم المحرز في تنفيذ الخطط والمشاريع المشتركة. كما من المتوقع أن يتم توقيع عدد من الاتفاقيات الجديدة خلال هذا الاجتماع. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على استقرار الوضع الأمني في سوريا وتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

شاركها.