أظهرت دراسة حديثة أن تناول حمض الفوليك ومكملات الفيتامينات المتعددة خلال فترة الحمل قد يقلل بشكل ملحوظ من خطر إصابة الأطفال بـاضطراب طيف التوحد. ووفقًا للنتائج التي نشرت في مجلة “بلوس وان” (PLOS One)، قد تصل نسبة هذا الانخفاض إلى الثلث تقريبًا. هذه النتائج تثير اهتمامًا كبيرًا في مجال صحة الأم والطفل.

الدراسة، التي حللت بيانات أكثر من 3 ملايين أم وطفل، توصلت إلى ارتباط قوي بين استهلاك هذه المكملات الغذائية وانخفاض معدلات الإصابة بالتوحد. وقد نشرت هذه النتائج موقع “أبونيت.دي”، وهو مصدر معلومات موثوق للصيادلة في ألمانيا، لزيادة الوعي حول أهمية التغذية السليمة خلال الحمل.

‫علاقة الفيتامينات بـاضطراب طيف التوحد

يشير الخبراء إلى أن الفترة المبكرة من الحمل تشهد انقسامًا سريعًا للخلايا، وهي مرحلة حرجة لتشكيل الجهاز العصبي المركزي. خلال هذه المرحلة، يعتبر حمض الفوليك ضروريًا لضمان التكوين السليم للأنبوب العصبي، وهو جزء أساسي من الدماغ والحبل الشوكي. نقص حمض الفوليك يرتبط بمشاكل عصبية خلقية.

علاوة على ذلك، غالبًا ما تحتوي مكملات الفيتامينات المتعددة على عناصر غذائية مهمة أخرى مثل فيتامين (ب12)، وفيتامين (د)، واليود، والتي تلعب دورًا في تنظيم الالتهابات، ودعم جهاز المناعة، وتحسين استقلاب البروتين، وإنتاج النواقل العصبية. هذه العناصر الغذائية تعمل بتآزر لتوفير بيئة مثالية لنمو الدماغ السليم، مما قد يفسر الارتباط المحتمل بانخفاض خطر الإصابة بـالتوحد.

توصيات الخبراء

يوصي الأطباء حاليًا بتناول مكملات حمض الفوليك خلال فترة الحمل، خاصة في الأشهر الأولى. ومع ذلك، تشير هذه الدراسة الجديدة إلى أن إضافة مكملات الفيتامينات المتعددة قد يوفر حماية إضافية للجنين. يعتقد بعض الباحثين أن تناول هذه المكملات حتى قبل الحمل قد يكون له فائدة أكبر.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من تناول مكملات الفيتامينات المتعددة بكميات كبيرة. فالجرعات الزائدة من بعض الفيتامينات، مثل فيتامين (أ)، يمكن أن تؤدي إلى تشوهات خلقية. ولذلك، من الضروري استشارة الطبيب أو الصيدلي قبل البدء في تناول أي مكملات غذائية أثناء الحمل أو التخطيط للحمل. يجب مراعاة الحالة الصحية لكل امرأة وتعديل الجرعات بناءً على ذلك.

تعتبر هذه الدراسة إضافة قيمة للمعرفة حول العوامل التي قد تؤثر على تطور الاضطرابات النمائية لدى الأطفال. وتدعو إلى إجراء المزيد من البحوث لتحديد الجرعات المثالية من الفيتامينات والمكملات الغذائية، وفهم الآليات البيولوجية التي تربط بين التغذية السليمة وتقليل خطر الإصابة بالتوحد. من المتوقع أن تصدر توصيات أكثر تفصيلاً من الجهات الصحية الرسمية في غضون العام المقبل بناءً على نتائج هذه الدراسة وغيرها من الأبحاث الجارية.

شاركها.