كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون سويديون أن الاستهلاك المنتظم للجبن كامل الدسم قد يكون له صلة بتقليل خطر الإصابة بالخرف مع التقدم في العمر. وقد أثارت هذه النتيجة التي نشرت في العشرين من ديسمبر 2025، جدلاً حول الفوائد الصحية غير المتوقعة للأطعمة الغنية بالدهون، وتحديداً فيما يتعلق بصحة الدماغ. وتأتي هذه الدراسة في وقت يزداد فيه الاهتمام بفهم العلاقة بين النظام الغذائي والوقاية من الأمراض العصبية.

وتشير الدراسة، التي استمرت على مدار 25 عامًا وشملت بيانات ما يقرب من 28 ألف شخص في السويد، إلى أن تناول ما لا يقل عن 50 جرامًا من الجبن غير المطبوخ كامل الدسم يوميًا قد يقلل من احتمالات الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 13%. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت النتائج أن استهلاك 20 جرامًا أو أكثر من الكريمة يوميًا يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بنسبة 16%.

الجبن والخرف: نتائج غير متوقعة

تعتبر هذه النتائج مفاجئة نظرًا للجدل الدائر حول تأثير الدهون المشبعة على الصحة. لطالما نصح الخبراء بالحد من تناول الأطعمة الغنية بالدهون، بما في ذلك الجبن، بسبب ارتباطها بأمراض القلب والأوعية الدموية. ومع ذلك، تشير هذه الدراسة إلى أن بعض منتجات الألبان كاملة الدسم قد تلعب دورًا وقائيًا في سياق صحة الدماغ.

في المقابل، لم تظهر الدراسة أي تأثير ملحوظ للمنتجات قليلة الدسم على احتمالات الإصابة بالخرف. ولم يتم رصد أي ارتباط واضح بين الخطر واستهلاك منتجات ألبان أخرى مثل الحليب أو الزبدة أو الزبادي. وهذا يثير تساؤلات حول المكونات المحددة في الجبن والكريمة التي قد تكون مسؤولة عن هذه الفوائد المحتملة.

تفسيرات محتملة للنتائج

تقول الدكتورة إيميلي سونيستيدت، الباحثة الرئيسية في الدراسة من جامعة لوند، إن هذه النتائج تقدم وجهة نظر مختلفة حول الجبن، وتستحق مزيدًا من البحث. قد يكون للجزيئات الدهنية المعينة في الجبن تأثيرات مفيدة على بنية ووظيفة الدماغ. من الممكن أيضًا أن يحتوي الجبن على مركبات أخرى، مثل الكالسيوم وفيتامين B12، والتي تدعم صحة الأعصاب.

اعتمد الباحثون على بيانات شاملة تم جمعها من المشاركين على مدار سنوات طويلة. وقد قام المشاركون بتسجيل تفاصيل دقيقة حول عاداتهم الغذائية وطرق إعداد وجباتهم، مما سمح للباحثين بتحليل العلاقة بين استهلاك الأطعمة المختلفة وتطور الخرف. وقد تم تشخيص أكثر من 3200 شخص بالخرف خلال فترة المتابعة، مما يوفر قاعدة بيانات كبيرة للتحليل.

الجبن كامل الدسم، كما تم تعريفه في الدراسة، هو الذي يحتوي على 20% دهون أو أكثر، بينما تعتبر الكريمة قليلة الدسم إذا كانت نسبة الدهون فيها أقل من 30%. هذه التعريفات الدقيقة مهمة لفهم النتائج وتطبيقها على أنماط غذائية أخرى.

من المهم ملاحظة أن هذه الفوائد لم تظهر لدى الأشخاص الذين يحملون المتغير الجيني APOE e4، والذي يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وهذا يشير إلى أن العوامل الوراثية تلعب دورًا مهمًا في تحديد مدى استجابة الأفراد لهذه التدخلات الغذائية. قد يحتاج الأفراد الذين لديهم هذا المتغير الجيني إلى اتباع استراتيجيات وقائية مختلفة.

تتزايد الأبحاث حول تأثير التغذية على صحة الدماغ، وتشمل هذه الأبحاث دراسة تأثيرات النظام الغذائي المتوسطي، الغني بالدهون الصحية والألياف، على الوقاية من الخرف. كما أن هناك اهتمامًا متزايدًا بدور الميكروبيوم المعوي في صحة الدماغ، وكيف يمكن للتغذية أن تؤثر على تكوين ووظيفة الميكروبات المعوية.

في الوقت الحالي، تحذر الدكتورة سونيستيدت من التعميم، مشيرة إلى أن هذه النتائج قد لا تكون قابلة للتطبيق على السكان الذين يستهلكون الجبن بطرق مختلفة، مثل الولايات المتحدة حيث يستهلك الجبن غالبًا في شكله المصهور أو مع اللحوم. وهذا يسلط الضوء على أهمية إجراء المزيد من الدراسات في سياقات ثقافية وجغرافية متنوعة. الأداء الإضافي مطلوب لتأكيد هذه النتائج.

من المتوقع أن يتم إجراء المزيد من الدراسات في السنوات القادمة لتحديد الآليات البيولوجية التي تربط بين استهلاك الجبن وصحة الدماغ. كما أن هناك حاجة إلى دراسات سريرية لتقييم ما إذا كان تغيير النظام الغذائي ليشمل المزيد من الجبن كامل الدسم يمكن أن يكون له تأثير وقائي على الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بالخرف. سيتم التركيز بشكل خاص على دراسة تأثيرات الجبن على الأفراد الذين يحملون المتغير الجيني APOE e4. من المرجح أن تظهر نتائج هذه الدراسات بحلول عام 2028.

شاركها.