حذر برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز، في تقرير حديث، من أن التراجع في تمويل مكافحة الإيدز على المستوى الدولي له آثار وخيمة على جهود مكافحة المرض، خاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وأشار التقرير، الذي صدر عشية اليوم العالمي للإيدز في الأول من ديسمبر، إلى أن هذا النقص في التمويل قد يؤدي إلى زيادة حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.
تداعيات وخيمة لتراجع تمويل مكافحة الإيدز
أوضح برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز أن خفض التمويل تسبب في تعطيل كبير لبرامج الوقاية والعلاج، مما أدى إلى موجات صدمة في الدول الأكثر تضرراً. وذكر التقرير أن هذا الوضع قد يؤدي إلى حوالي 3.9 مليون إصابة إضافية بفيروس نقص المناعة البشرية. وليس هذا التراجع في التمويل مؤشراً معزولاً، بل يعكس اتجاهاً مقلقاً يؤثر على القدرة العالمية على القضاء على الإيدز بحلول عام 2030.
الوضع الراهن والإحصائيات المقلقة
أظهرت البيانات أن حوالي 1.3 مليون شخص أصيبوا بفيروس نقص المناعة البشرية العام الماضي، وأن حوالي 630 ألف شخص توفوا بسبب الأمراض المرتبطة به. ومع ذلك، فإن الأخبار ليست قاتمة تماماً، حيث أن إجمالي عدد الأشخاص المصابين بالفيروس حتى نهاية عام 2024 بلغ حوالي 40.8 مليون شخص، ويتمكن أكثر من ثلاثة أرباعهم من الحصول على العلاج المناسب. وكشف التقرير أيضًا عن انخفاض كبير في حالات الإصابة والوفيات منذ عام 2010، مما يدل على فعالية الجهود السابقة.
أمثلة من أفريقيا تُظهر حجم الأزمة
تُظهر الأمثلة الواقعية من بعض الدول الأفريقية مدى خطورة الوضع. فقد سجل البرنامج انخفاضًا بنسبة 31٪ في عدد الأشخاص الذين يتلقون العلاج الوقائي في أوغندا بين نهاية عام 2024 وسبتمبر الماضي. وفي بوروندي، وصل هذا الانخفاض إلى 64٪، وهو رقم ينذر بالمخاطر. بالإضافة إلى ذلك، انخفض توزيع الواقيات الذكرية في نيجيريا بأكثر من النصف خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، مما يزيد من خطر انتقال العدوى.
العوامل المساهمة في نقص التمويل
يعزو خبراء تراجع التمويل الدولي للمرض إلى عوامل متعددة، منها الأزمات الاقتصادية العالمية، وتزايد الأولويات الإنسانية الأخرى، والانخفاض في التبرعات من بعض الدول المانحة الرئيسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن جائحة كوفيد-19 أدت إلى تحويل الموارد المالية نحو الاستجابة الوبائية، مما أثر سلبًا على برامج مكافحة الإيدز. ويشير بعض المحللين إلى أن التركيز المتزايد على الأمن والنزاعات قد أدى أيضًا إلى تقليل الاهتمام والتمويل المخصص للصحة العالمية، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية.
التحديات والعقبات المستقبلية في مجال الصحة
واجهت برامج مكافحة الإيدز تحديات إضافية في السنوات الأخيرة، مثل مقاومة الأدوية، وصعوبة الوصول إلى الفئات السكانية الأكثر عرضة للخطر، والتوصيف الاجتماعي الذي يعيق جهود الوقاية. يؤكد التقرير على أن الاستمرار في توفير العلاج والوقاية للأشخاص الذين يحتاجون إليه أمر بالغ الأهمية، بالإضافة إلى الاستثمار في البحث والتطوير لإيجاد علاجات ولقاحات جديدة. تعتبر أيضًا معالجة الأسباب الجذرية للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، مثل عدم المساواة بين الجنسين والفقر، ضرورية لتحقيق تقدم مستدام.
يتوقع برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز نشر تقرير أكثر تفصيلاً في بداية عام 2026، وسيترقب المجتمع الدولي هذا التقرير لتقييم مدى تأثير نقص التمويل على الأهداف العالمية لمكافحة الإيدز. من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، والاستعداد لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة أي تداعيات سلبية محتملة، مع الأخذ في الاعتبار أن التضامن العالمي والاستثمار المستمر هما السبيل الوحيد للقضاء على الإيدز.






