تشهد صناعة الغاز الطبيعي العالمية تحديات متزايدة مع تراجع الإنفاق على استثمارات الغاز في العديد من الدول المنتجة، ما يثير القلق حول استدامة إمدادات الغاز في المستقبل.
وفي ظل التركيز العالمي على التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة وتقليص الانبعاثات الكربونية، تتراجع الاستثمارات في مشروعات الغاز الجديدة، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على العرض والطلب العالميين في السنوات المقبلة، وفق ما أورده موقع “أويل برايس” العالمي.

أسباب تراجع استثمارات الغاز

تُعزى أسباب خفض الإنفاق على استثمارات الغاز إلى عدة عوامل، أبرزها التحول المتزايد نحو الطاقات النظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح، إلى جانب تزايد الضغوط البيئية من قبل الحكومات والمنظمات الدولية للحد من الانبعاثات الكربونية.
كما أدى الانخفاض النسبي في أسعار الغاز في السنوات الأخيرة إلى تقليص هوامش الربحية للشركات الكبرى، مما دفعها إلى تقليص نفقاتها على مشاريع الاستكشاف والتطوير. هذه التحولات تزيد من تردد الشركات في ضخ استثمارات جديدة في هذا القطاع الحيوي.

تأثير انخفاض الاستثمار على إمدادات الغاز

تشير التوقعات إلى أن تراجع الاستثمارات في مشاريع الغاز الجديدة سيؤثر سلباً على إمدادات الغاز في المستقبل. فبينما يستمر الطلب العالمي على الغاز الطبيعي في النمو، خاصة في الدول الآسيوية الناشئة التي تعتمد عليه كمصدر أساسي للطاقة، قد تواجه الأسواق نقصاً في العرض في حال عدم الاستثمار الكافي في تطوير الحقول الحالية واكتشاف حقول جديدة.
هذا الخلل المحتمل بين العرض والطلب يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الغاز، ما سيؤثر على الاقتصاد العالمي، ويزيد من أعباء التكلفة على المستهلكين.

الدول الأكثر تأثراً بتراجع استثمارات الغاز

من بين الدول التي قد تتأثر بشكل كبير من تراجع الاستثمارات في قطاع الغاز هي الدول التي تعتمد بشكل رئيسي على تصدير الغاز كمصدر للدخل، مثل روسيا والولايات المتحدة وأستراليا، فيما تسير قطر عكس التيار وتعزز استثماراتها في اكتشافات الغاز الجديدة.
اقرأ أيضاً: السعودية تبدأ عمليات حقن الغاز الطبيعي وإعادة إنتاجه
بالإضافة إلى ذلك، ستتأثر الدول الأوروبية التي تستورد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي لتلبية احتياجاتها الصناعية والمنزلية. في ظل التوترات الجيوسياسية والقيود المفروضة على استيراد الغاز من بعض الدول، قد تجد أوروبا نفسها في موقف صعب لضمان استمرارية إمدادات الطاقة.

تحديات أمام صناعة الغاز

في ظل هذا الواقع، تواجه صناعة الغاز تحديات كبيرة تتطلب إعادة التفكير في استراتيجيات الاستثمار. فمن جهة، تحتاج الشركات إلى إيجاد طرق مبتكرة للاستثمار في الغاز مع الحفاظ على التوازن بين تقليل الانبعاثات وتحقيق الربحية. ومن جهة أخرى، يفتح هذا الوضع الباب أمام فرص جديدة للاستثمار في التقنيات المتقدمة مثل تخزين الكربون وتقنيات الغاز الطبيعي المسال (LNG)، التي قد تساعد في تعزيز استدامة القطاع في المستقبل.
اقرأ أيضاً: توقعات بانتعاش سوق الغاز العالمية وسط ترقب أوروبا لشتاء قارس
وقال المحلل “بيدرو فولهام”، رئيس قسم أسواق الطاقة في مؤسسر “كبلر إنرجي”: “يبدو أن خفض الإنفاق على استثمارات الغاز قد يضع القطاع في مواجهة تحديات كبيرة في السنوات القادمة”.

الغاز وتحول الطاقة

ولفت فولهام إلى أنه على الرغم من التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة، لا يزال الغاز الطبيعي يلعب دوراً حيوياً في مزيج الطاقة العالمي، وأي نقص في استثماراته اليوم قد يترجم إلى نقص في الإمدادات وارتفاع في الأسعار مستقبلاً.
واختتم: “لذلك، تبقى الحاجة ملحة لضمان توازن بين التوجه نحو الطاقة النظيفة والاستثمار في مصادر الطاقة التقليدية لضمان استدامة الإمدادات”.

شاركها.