رفضت المحكمة الأوروبية طلبًا قدمته شركة أمازون الأمريكية، تحدت فيه وصفتها بمنصة رقمية كبيرة جدًا (VLOP) بموجب قانون الخدمات الرقمية (DSA). يهدف قانون الخدمات الرقمية إلى تنظيم المنصات الرقمية العملاقة وضمان سلامة المستخدمين على الإنترنت، وتعتبر أمازون واحدة من 25 كيانًا خاضعًا لأكثر الإجراءات صرامة بموجب هذا القانون.
جاء الحكم الصادر عن محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ يوم الأربعاء، ليؤكد على ضرورة التزام أمازون بأحكام قانون الخدمات الرقمية، بعد أن زعمت الشركة أن منصتها للتجارة الإلكترونية لا تشكل مخاطر نظامية تتطلب هذا المستوى من التدقيق والرقابة. يمثل هذا القرار خطوة مهمة في تطبيق قانون الخدمات الرقمية وتأكيد سلطة الاتحاد الأوروبي في تنظيم الفضاء الرقمي.
أمازون وقانون الخدمات الرقمية: تفاصيل الحكم
ادعت أمازون أن تصنيفها كمنصة كبيرة جدًا ينتهك حقوقًا أساسية، بما في ذلك حرية ممارسة الأعمال التجارية وحماية المعلومات السرية التجارية. ومع ذلك، رأت المحكمة أن جميع المنصات الرقمية الكبيرة، بما في ذلك الأسواق الإلكترونية، تخضع لمعاملة موحدة نظرًا لإمكانية تعرضها لمخاطر نظامية تؤثر على المجتمع.
الأسس القانونية للحكم
أوضحت المحكمة أن التمييز بين المنصات الرقمية بناءً على عدد المستخدمين ليس تعسفيًا أو غير مناسب لتحقيق الهدف المتمثل في منع المخاطر. وشددت على أن المنصات التي تضم أكثر من 45 مليون مستخدم قد تعرض عددًا كبيرًا من الأشخاص لمحتوى غير قانوني، مما يستدعي فرض إجراءات أكثر صرامة.
وبالرغم من إقرار الحكم بأن متطلبات قانون الخدمات الرقمية قد تفرض تكاليف إضافية على الشركات، إلا أنه أكد أن هذا التدخل القانوني مبرر لحماية الحقوق الأساسية المنصوص عليها في ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي. تأتي هذه النقطة كاستجابة لمخاوف أمازون بشأن الأعباء المالية والتشغيلية المترتبة على الالتزام بالقانون.
تعتبر قضية أمازون جزءًا من سلسلة تحديات قانونية تواجهها شركات التكنولوجيا الكبرى بشأن تطبيق قانون الخدمات الرقمية. من الجدير بالذكر أن المحكمة رفضت سابقًا طلبًا عاجلاً قدمته أمازون لتأجيل التنفيذ الكامل للقانون لحين البت في الطعن.
رد فعل أمازون وخطواتها التالية
عبّرت أمازون عن خيبة أملها من الحكم، وأعلنت نيتها استئنافه أمام محكمة العدل الأوروبية. وأكدت الشركة في بيان لها أن متجر أمازون، باعتباره سوقًا إلكترونيًا، لا يشكل أي مخاطر نظامية، مشيرة إلى أنه يقتصر على بيع المنتجات ولا ينشر أو يضخم المعلومات أو الآراء.
يأتي هذا الرفض بعد حكم مماثل صدر في سبتمبر الماضي، أكد على التزام شركة زالاندو الألمانية بقواعد المنصات الرقمية الأكثر صرامة، رافضًا ادعاءات الشركة بأن عدد مستخدميها أقل بكثير مما قدرته المفوضية الأوروبية عند تصنيفها.
الشفافية والإفصاح عن البيانات
أحد الجوانب الرئيسية للخلاف يتعلق بمتطلبات القانون المتعلقة بالإفصاح عن طرق الإعلان. كانت أمازون قد ذكرت أن الإفصاح عن هذه الأساليب سيكشف عن أسرار تجارية لمنافسيها، ولكن المحكمة أكدت أن مصالح الاتحاد الأوروبي تفوق مصالح أمازون المادية. تؤكد هذه النقطة على أهمية الشفافية في الإعلانات الرقمية.
كما أن هذه الأحكام تعكس تحولًا في السياسات التنظيمية للاتحاد الأوروبي نحو تشديد الرقابة على المنصات الرقمية الكبرى، بهدف حماية المستخدمين ومكافحة انتشار المحتوى غير القانوني والتضليل الإعلامي. تعتبر هذه السياسات جزءًا من جهود أوسع لتحديث الإطار القانوني للتعامل مع التحديات التي تفرضها العصر الرقمي.
من المتوقع أن تستمر المناقشات القانونية حول تنظيم المنصات الرقمية في المستقبل القريب. وينبغي مراقبة تطورات هذه القضايا، خاصةً فيما يتعلق بتأثيرها على حرية التعبير والابتكار في الفضاء الرقمي. يتوقع أن تصدر محكمة العدل الأوروبية قرارها النهائي في استئناف أمازون في غضون عام أو أكثر. ستكون هذه الخطوة حاسمة في تحديد مسار تنفيذ قانون الخدمات الرقمية وتأثيره على شركات التكنولوجيا الكبرى في أوروبا.






