يمثل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمناطق جنوب لبنان عائقًا رئيسيًا أمام إنجاز الجيش اللبناني لمهمة حصر السلاح، وهو الهدف المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. وتعتبر هذه القضية، حصر السلاح، محورًا للتوترات المستمرة على الحدود، حيث يواجه الجيش تحديات لوجستية وسياسية في تنفيذ مهامه. وتشكل هذه التطورات مصدر قلق بشأن الاستقرار الإقليمي.

ففي الوقت الذي يسعى فيه الجيش اللبناني لتأمين السيطرة الكاملة على الأسلحة في المناطق المتفق عليها، تواصل إسرائيل سيطرتها على مرتفعات اللبونة، وجبل بلاط، وجل الدير، والدواوير، وتل الحمامص، بالإضافة إلى فرض سيطرة جوية كاملة على سماء لبنان. يرى الخبراء أن هذا الوضع يعيق بشكل مباشر قدرة الجيش على تحقيق أهدافه في حصر السلاح وتنفيذ القرار الأممي.

رفع مستوى التفاوض حول حصر السلاح

ومع تزايد المخاوف من انهيار الهدوء القائم، تتزايد الجهود الدبلوماسية لحل هذه القضية. تشير المصادر إلى أن إسرائيل قد رفعت من مستوى تمثيلها في المفاوضات المباشرة مع لبنان، وهو ما يعكس الجدية المتزايدة في التعامل مع الأزمة.

لقاء رأس الناقورة وتطورات المفاوضات

أفادت تقارير إخبارية أن لقاء رأس الناقورة الأخير شهد مشاركة يوسي درازنين، نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إلى جانب مبعوثين لبنانيين وأميركيين. وعلى الرغم من أن الاجتماع ركز رسميًا على التعاون الاقتصادي عبر الحدود، إلا أنه يهدف بشكل أساسي إلى منع أي تصعيد عسكري محتمل، وإيجاد حلول لقضية حصر السلاح.

الحراك الدبلوماسي الدولي لدعم الجيش اللبناني

تزامنت مفاوضات رأس الناقورة مع حراك دبلوماسي في باريس، حيث عقد اجتماع يضم مسؤولين من فرنسا وأمريكا والسعودية لمناقشة سبل دعم الجيش اللبناني. أكد قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل خلال الاجتماع على الجهود التي يبذلها الجيش لضمان الأمن وتحقيق المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح، مشيرًا إلى الاحتياجات العسكرية واللوجستية اللازمة للاستمرار في هذه المهمة. وبحسب ما ورد، هناك اتجاه نحو تعزيز آليات مراقبة وقف إطلاق النار.

إضافة إلى ذلك، يواجه الجيش اللبناني تحديات ميدانية، بما في ذلك نقص المعدات اللازمة لكشف الألغام وإزالتها، بالإضافة إلى الموارد المالية ووسائل القتال والمراقبة، وهو ما يعرقل تقدمه في بعض المناطق.

وتعتبر قضية الحدود المتنازع عليها، وتحديداً الخط الأزرق، من العوامل الرئيسية التي تساهم في تعقيد عملية حصر السلاح. بينما تتبع إسرائيل نهجًا يعتبره لبنان انتهاكًا للسيادة اللبنانية، تطالب إسرائيل بتعزيز إجراءات الأمن على طول الحدود.

وفي سياق متصل، أقامت إسرائيل جدارًا عازلاً في منطقتي يارون ومارون الراس، لكن بعض المحللين يرون أن هذا الجدار قد يكون مرتبطًا بظروف عملياتية مؤقتة وليس بقرارات استراتيجية طويلة الأمد.

على الرغم من التزام حزب الله ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، تتهم إسرائيل الحزب بعدم التعاون في عملية حصر السلاح، وتشير إلى استمرار وجود أسلحة غير قانونية في الجنوب. وتبرر إسرائيل خروقاتها المستمرة، بما في ذلك عمليات القتل والاستهداف، بأنها تهدف إلى حماية أمنها القومي.

يذكر أن العام الماضي شهد مئات الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، مما أدى إلى تصعيد التوترات. وفي المقابل، يشدد لبنان على حقه في الدفاع عن أراضيه وسيادته.

تتجه الأنظار الآن إلى نتائج المفاوضات الجارية في رأس الناقورة، وما إذا كانت ستؤدي إلى تحقيق تقدم ملموس في قضية حصر السلاح. ومن المتوقع أن تتضمن الأيام القادمة مزيدًا من المشاورات الدبلوماسية بين الأطراف المعنية، بهدف تجنب أي تصعيد عسكري غير ضروري. يبقى مستقبل الاستقرار في جنوب لبنان رهنًا بتحقيق توافق سياسي وعسكري بين جميع الأطراف.

وفي الختام، لا يزال الوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية هشًا، ويتطلب جهودًا متواصلة من قبل المجتمع الدولي لضمان احترام سيادة لبنان، وتحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة.

شاركها.