أصبحت عمليات التجميل خيارًا شائعًا بين النساء في أواخر العشرينات من العمر، وذلك في ظل الضغوط المتزايدة على وسائل التواصل الاجتماعي للحفاظ على الشباب. تشير التقارير إلى أن عددًا متزايدًا من النساء يقبلن على إجراء عمليات تجميلية كبرى في سن مبكرة، مثل رفع الوجه وتجميل الجفون، لمنع ظهور علامات التقدم في السن، حتى مع تحذيرات الخبراء من أنها قد تخلق مشاكل جديدة في المستقبل. وقد شهدت هذه الظاهرة اهتمامًا إعلاميًا واسعًا مؤخرًا، مع انتشار قصص مؤثرات وسائل التواصل الاجتماعي اللواتي شاركن تجاربهن.
تُعدّ إميلي سيبريك مثالًا على هذا الاتجاه، حيث قررت إنفاق ما يقرب من 16 ألف دولار على جراحة تجميلية، وذلك بعد سنوات من إهمال النوم والشعور بالتعب. ليس هذا فحسب، بل إن هذه الظاهرة لا تقتصر على عاميات الناس، حيث أعلنت الرياضية الأولمبية سيمون بايلز مؤخرًا عن نتائج عمليات التجميل التي خضعت لها، مما أثار نقاشًا حول الضغوط الجمالية ومعايير الكمال.
**الجراحة التجميلية: اتجاه متزايد بين الشابات**
يشير الأطباء إلى حدوث “تحول زلزالي” في ممارستهم، حيث تزداد أعداد الشابات اللواتي يلجأن إلى جراحات وعلاجات مكافحة الشيخوخة. يقول الدكتور روبرت شوارز، الجراح المتخصص في الوجه والعين في مدينة نيويورك، إنه قلق بشأن هذا الاتجاه، مؤكدًا على أنه يجب اللجوء إلى الجراحة عند الحاجة إليها، وليس بصورة استباقية.
يوضح الدكتور شوارز أن إجراء عمليات التجميل في سن مبكرة قد يؤثر على طريقة شيخوخة الوجه الطبيعية، حيث أن الوجه لا يزال في طور التغير والنمو. يضيف أن التدخل الجراحي المبكر قد يتطلب إجراء المزيد من العمليات في المستقبل لتصحيح الآثار الجانبية المحتملة.
إضافة إلى المخاوف الطبية، يرى بعض الأخصائيين النفسيين أن هذا الاتجاه يمثل خطرًا على الصحة النفسية للمرأة الشابة. تشير روبين ستيرن، المعالجة السلوكية المعرفية المتخصصة في قضايا صورة الجسد والقلق، إلى أن اللجوء إلى الجراحة قد يجعل المرأة تشعر بالنقص إذا لم تخضع لها، مما يعزز معايير الجمال غير الواقعية.
كما تحذر ستيرن من أن النتائج السلبية للعملية قد تدفع المرأة إلى دوامة من الجراحات التصحيحية، مما يؤثر سلبًا على حياتها وصحتها النفسية.
تجارب شخصية: دوافع واتخاذ القرارات
تحدثت سيبريك وعدد من النساء الأخريات اللواتي خضعن لعمليات تجميلية كبرى قبل أو بعد بلوغهن الثلاثين، عن دوافعهن وتجاربهن الشخصية. قامت سيبريك في تركيا بعدة عمليات، بما في ذلك رفع الوجه وتجميل الأنف، واعتبرت التجربة “سلسة وناجحة”. شاركت سيبريك نتائجها على تطبيق TikTok، مما أثار ردود فعل متباينة، حيث انتقدها بعض المتخصصين في الجلد، ولكنها أكدت أنها تشعر بالرضا عن قرارها.
أما ريفيان تشانغ، وهي ممرضة مسجلة ومتخصصة في الحقن التجميلي، فقد خضعت لعملية شفط الدهون في الذقن وإجراء FaceTite لتجميل الفك. روت تجربتها على حساباتها على Instagram وTikTok، وأكدت على أهمية الشفافية بشأن الإجراءات التجميلية. وقد ساهمت تجربتها في تعزيز ثقتها بنفسها وتحسين مظهرها العام.
من جهتها، قامت هانا سوانسون بعملية شفط الدهون في الذقن بعد فشل محاولات التخلص من الدهون المزدوجة باستخدام طرق غير جراحية. تأثرت سوانسون بتجارب والدتها وجدتها اللتين خضعتا لنفس العملية في سن متقدمة، وفضلت إجراءها في سن مبكرة للاستفادة من النتائج لفترة أطول.
تأثير عمليات الجفون
تعتبر عملية تجميل الجفون (Blepharoplasty) من الإجراءات الشائعة التي يلجأن إليها الشابات، كما هو الحال مع آلياه زيمينيس. عانت زيمينيس من مشكلة الأكياس تحت العينين منذ فترة طويلة، وجرّبت العديد من العلاجات، بما في ذلك مستحضرات العناية بالبشرة، ولكنها لم تحصل على نتائج مرضية. فقد قررت إجراء عملية تجميل للجفون، والتي ساهمت في تحسين مظهرها وزيادة ثقتها بنفسها.
تؤكد زيمينيس على أهمية اختيار جراح تجميل متخصص وذو خبرة، وأن تكون مستعدة للتعافي بعد العملية. تضيف أن عملية تجميل الجفون يمكن أن تكون “بوابة” إلى المزيد من الإجراءات التجميلية، حيث أن النتائج تشجع على إجراء المزيد من التحسينات.
إضافة إلى ذلك، تشدد سوانسون على أهمية الشفافية بشأن عمليات التجميل، وأن يتجنب الناس إخفاء ما قاموا به. تعتبر أن الصدق والشفافية يساعدان على خلق معايير جمالية أكثر واقعية، ويقللان من الضغوط الجمالية على الآخرين.
من المتوقع أن يستمر الطلب على عمليات التجميل في الازدياد، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على معايير الجمال. وسيبقى الجدل قائمًا حول ما إذا كان اللجوء إلى هذه العمليات في سن مبكرة هو خيار صحي ومسؤول، أو أنه مجرد استجابة لضغوط مجتمعية غير مبررة. يجب على النساء التفكير مليًا قبل اتخاذ قرار إجراء أي عملية تجميلية، وأن يستشرن أطباء متخصصين وأخصائيين نفسيين لضمان اتخاذ قرار مستنير ومناسب.






