قال محللون سياسيون إن اختيار حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار زعيما لها خلفا للراحل إسماعيل هنية يمثل رسالة صادمة لإسرائيل عموما ولرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو خصوصا، وإنه يعكس حيوية الحركة واحتفاظ قيادتها داخل قطاع غزة بالقوة والسيطرة والتواصل.
وأعلنت حماس اليوم الثلاثاء اختيار السنوار رئيسا لمكتبها السياسي خلفا للشهيد إسماعيل هنية الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران الأسبوع الماضي.
وقال المحلل السياسي سعيد زياد إن اختيار السنوار زعيما للحركة يحمل رسائل لإسرائيل وللولايات المتحدة وللإقليم، أهمها أن حماس لا تزال تحتفظ بحيويتها وقوتها وقدرتها على الاتصال والتواصل.
حماس تدار من قلب غزة
وأكد زياد في تحليل للجزيرة أن حماس “اختارت الرجل الأكثر خطرا على إسرائيل، والذي تصفه تل أبيب بأنه الأقوى في كل فصائل المقاومة”، مضيفا أن هذا الاختيار “يحمل رسالة صادمة لإسرائيل، لأن السنوار هو الأكثر صعوبة وراديكالية -حسب وصف الاحتلال- بدلا من إسماعيل هنية الذي كانوا يصفونه بأنه أكثر اعتدالا”.
وإلى جانب ذلك، فإن اختيار السنوار -كما يقول زياد- “يعني أن حماس حاليا تدار من قلب غزة، وأنها تمنح الرجل الشرعية وتؤكد أنه مؤهل لقيادة أعظم معارك الشعب الفلسطيني لأنه أقواهم”.
وأضاف المحلل السياسي “حماس تقول إن لديها حيوية وسرعة في اختيار البديل بقرار شوري سريع لم يتم تسريبه”، مشيرا إلى أن السنوار “كان صاحب قرار طوفان الأقصى لكن قيادة الحركة وافقت عليه”.
وقال زياد إن السنوار “متحكم في المشهد سياسيا وعسكريا وتفاوضيا” وإن الحركة “وضعت قرار غزة بيد من يعيش بداخلها في تحد كبير لإسرائيل وللإقليم”.
وختم زياد بالقول إن السنوار “يهيمن على الوضع فعليا، لكن خليل الحية نائب رئيس الحركة هو من يدير المفاوضات، في حين يتخذ القرار بالتوافق بين الجميع”، مضيفا “حماس تقول لإسرائيل: لقد اخترنا جميعا الرجل الذي جعلتم قتله هدفا أولا لكم”.
تأكيد على تماسك الحركة ووعيها
وفي السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية الدكتور حسن أيوب إن حماس ردت على إسرائيل التي راهنت على تفكيكها باغتيال هنية. وأضاف أن “اختيار السنوار يؤكد أن الحركة متماسكة وكونه يأتي في وقت قصير جدا يعني عدم وجود خلافات داخلية كما يشيع البعض”.
ولفت أيوب إلى أن حماس وجهت رسالة بأنها لا تزال قوية ومتماسكة، لأنها اختارت خليفة لهنية في وقت قصير جدا، مشيرا إلى أن انسحابها من التفاوض ردا على اغتيال هنية كان سيعني أنها غير معنية بمعاناة الناس في غزة، وعودتها له دون أي إجراء بعد اغتيال زعيمها كان سيعني أنها استسلمت لما جرى، لكنها نجحت في اتخاذ القرار في غضون أسبوع.
ووصف أيوب الاختيار بأنه “ضربة موجعة، لأنه رجل يفهم العقلية الإسرائيلية جيدا، وهي رسالة تقول لنتنياهو إنه سيكون واهما إن ظن أن حماس ستقدم له تنازلات بقتل قادتها”، مضيفا “اختيار السنوار يعني أن الحركة لن تتنازل في المفاوضات إن كانت هناك مفاوضات”.
وقال أيوب إن الأسابيع الأخيرة أكدت أن إسرائيل حكومة ومعارضة لا تملك رغبة جدية في وقف الحرب ولا الاعتداءات في الضفة، لافتا إلى أن حماس “أثبتت أنها واعية لإستراتيجية نتنياهو القائمة على تدمير غزة أو إخضاعها لسلطة عميلة له مع ضم الضفة كلها، واختيار السنوار يعني أنها تتعامل مع هذا الهدف”.
بدوره، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى إن “نتنياهو لديه ثأر شخصي مع السنوار، لأنه هو من أطلق سراحه في صفقة جلعاد شاليط عام 2011، ثم جاء الرجل ليقود طوفان الأقصى عام 2023”.
وأضاف مصطفى “هناك صراع عقول وإرادات بين نتنياهو والسنوار فيما يتعلق بنتائج الحرب، واختيار السنوار يمثل تحديا لإسرائيل عموما ولنتنياهو تحديدا، لأنه لن يتمكن من سداد دينه للإسرائيليين ما لم يقتله”.
وأعرب مصطفى عن اعتقاده أن حركة حماس “اختارت المواجهة واختيار السنوار سيثير نقاشا داخل إسرائيل، لأنها ستدفع ثمنا أكثر فداحة لأسراها”.
اختيار طبيعي
وفي السياق، قال المحلل السياسي ساري عرابي إن اختيار السنوار لزعامة الحركة “صحيح وطبيعي في هذه المرحلة، لأنه ليس فقط من قاد عملية طوفان الأقصى وإنما أيضا لأنه أحد مؤسسي أجهزة حماس ومؤسساتها الأمنية والعسكرية وهو رئيس أقوى أقاليم غزة، والذي يمثل ثقل الحركة في القطاع، خان يونس”.
وأضاف عرابي “السنوار قادم من قلب القطاع، ومن قلب الحركة، ومن قلب سجون الاحتلال، ومن قلب النفق”، مشيرا إلى أن الأثمان التي تُدفع في الحرب قادمة من غزة “وبالتالي طبيعي أن يكون السنوار خليفة لهنية، نظرا لكل هذه الاستحقاقات”.
وأوضح عرابي أن السنوار “رجل يجري عليه ما يجري على كل سكان غزة وقادتها ومقاتليها، واختياره يحمل رسالة معنوية وأخلاقية وتعبوية وسياسية مهمة جدا لكل من يشوهون حماس وشوهوا هنية بأحاديث عن أموال وفنادق حتى قضى شهيدا في المعركة”.
كما أشار عرابي إلى أن السنوار قاد عملا إداريا وسياسيا داخل غزة، وهو أحد رواد الوحدة الوطنية عندما وقف خلف اتفاق القاهرة في 2017 عندما دفع بكل قوته لتوحيد القوى الفلسطينية.
وختم بالقول “هذه رسالة قوية لإسرائيل التي راهنت على خلق فوضى داخل الحركة باغتيال هنية، لأن هناك مسؤولية هائلة على عاتق قادة الحركة بعد الأثمان الهائلة التي دفعها الناس وهذه المسؤولية تدفعهم للتماسك واختيار الشخص الأنسب”.