تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا حول حقوق الزوجة والنفقة في حالة الإخلال بالواجبات الدينية، وتحديدًا فيما يتعلق بالصلاة والحجاب. وأكدّت الإفتاء أن تقصير الزوجة في العبادات لا يبرر للزوج حرمانها من النفقة الزوجية، مشددةً على أن النفقة حق شرعي ثابت للزوجة ما دامت ملتزمة بواجباتها الزوجية، وأن إسقاط هذا الحق يقع ضمن اختصاص القضاء وليس الزوج.

جاء رد الإفتاء على سؤال ورد إليها بشأن ما إذا كان يحق للزوج معاقبة زوجته بحرمانها من النفقة بسبب إهمالها لبعض العبادات كالصلاة والحجاب. وأوضحت الدار أن هذا الإجراء يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تحث على الرفق والنصح، وتؤكد على أهمية الوفاء بالحقوق المتبادلة بين الزوجين.

أهمية النفقة الزوجية وحقوق كل طرف

تعتبر النفقة الزوجية من الحقوق الأساسية للمرأة في الشريعة الإسلامية، وهي واجب على الزوج تجاه زوجته طالما كانت العلاقة الزوجية قائمة. ولا يسقط هذا الحق إلا في حالات محددة يقرها القانون، مثل الخلع أو الطلاق، أو نشوز الزوجة بنحو يقرّه القضاء. يشير خبراء الشريعة إلى أن النفقة تهدف إلى توفير حياة كريمة للزوجة وضمان استقرارها.

وبحسب الإفتاء، فإنّ تقصير الزوجة في أداء العبادات، على الرغم من كونه معصية تستوجب التوبة والرجوع إلى الله، إلا أنه لا يخول الزوج حق إسقاط النفقة من تلقاء نفسه. وينبغي على الزوج أن يلجأ إلى النصح والإرشاد، وتحفيز زوجته على الالتزام بتعاليم الدين، مع الصبر عليها والدعاء لها بالهداية.

واجبات الزوج نحو زوجته في حالة التقصير

يُلزم الشرع الزوج بأن يكون حريصًا على هدى زوجته وسعادتها في الدنيا والآخرة. وهذا يتطلب منه القيام بدور الرعاية والإصلاح، من خلال توجيهها إلى طريق الصواب، وتذكيرها بفضل العبادات وأهمية الالتزام بها. يجب أن يكون التوجيه مصحوبًا بالرفق واللين، بعيدًا عن أي شكل من أشكال الإكراه أو العنف.

يستند هذا الواجب إلى ما جاء في القرآن الكريم من تفضيل الله للرجال على النساء في بعض الجوانب، فكما أن للرجال حقوقًا على النساء، فإن عليهم واجبات تجاههم. قال تعالى: “وللرجال عليهن درجة” [البقرة: 228]. وهذه الدرجة تتضمن تحمل المسؤولية عن رعاية الزوجة وتوجيهها.

حقوق الزوجة وتأثيرها على النفقة

تؤكد الشريعة الإسلامية على أن حقوق الزوجة لا تتأثر بتقصيرها في بعض العبادات، إلا إذا كان هذا التقصير يعتبر نشوزًا يقرّه القضاء. فالنشوز هو التمرد على الزوج ورفض طاعته في الأمور المشروعة، وهو ما قد يؤدي إلى تفويت حقوق الزوجة، بما في ذلك النفقة. ومع ذلك، يشترط أن يتم إثبات هذا النشوز أمام القضاء المختص.

الزواج عقد شرعي له حقوق وواجبات متبادلة، ويجب على الطرفين الالتزام بها. وعدم الوفاء بالواجبات من قبل أحد الطرفين لا يبرر للطرف الآخر التخلي عن واجباته تجاهه. فالخير بالخير، والمعروف بالمعروف، والانتقام لا يُبنى على أساس من العدل.

تعتبر قضية حقوق المرأة في الإسلام من القضايا الهامة التي تشغل بال الكثيرين. وتسعى دار الإفتاء المصرية إلى تقديم التوعية والإرشاد في هذا المجال، وتوضيح الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين، بما يحقق الاستقرار الأسري والمجتمعي. من قضايا حقوق المرأة الأخرى التي تثير الجدل: الميراث، والطلاق، والولاية على الأبناء.

في سياق متصل، تشير الدراسات الاجتماعية إلى أن ارتفاع حالات الطلاق والنزاعات الأسرية يعود إلى عدم فهم الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين، وغياب التوعية الدينية والاجتماعية. لذلك، من الضروري العمل على تعزيز الوعي الأسري وتوفير الدعم والمساعدة للزوجين لمواجهة التحديات التي تواجههما.

من المتوقع أن تستمر دار الإفتاء المصرية في جهودها التوعوية والإرشادية في مجال الأحوال الشخصية، وأن تقدم المزيد من الفتاوى والتوجيهات التي تساهم في تحقيق الاستقرار الأسري والمجتمعي. ومن المهم متابعة أحدث فتاوى الدار وتوصياتها، والعمل على تطبيقها في الحياة العملية. كما يجدر التنويه إلى أن القرارات النهائية في مسائل الأحوال الشخصية تقع ضمن اختصاص المحاكم الشرعية.

شاركها.