انتشر على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر رجلا يرمي على الأرض منتجات داخل متجر ألعاب، ورُوج له باعتباره يوثق لحظة غضب “مهاجر غير نظامي” في أحد المتاجر ببريطانيا.

ورافق المنشور تعليقات “مهاجر غير نظامي في المملكة المتحدة يفقد أعصابه لأن المتجر الذي يمنح المهاجرين غير النظاميين أجهزة بلاي ستيشن 5 مجانا نيابة عن مجلس مدينة أوكسفورد نفد مخزونه”.

اقرأ أيضا

list of 2 itemsend of list

وحصد المنشور أكثر من مليون مشاهدة، على منصة إكس، وتبنته حسابات في سياق مهاجم للمهاجرين والحكومة البريطانية، فما حقيقته؟

انتشار الادعاء

أثار الفيديو تفاعلا واسعا عبر منصات مختلفة، خصوصاً على “إكس”، حيث أعيد نشره آلاف المرات مع تعليقات تحريضية على المهاجرين، وساهمت في تضخيمه حسابات يمينية الطابع، بعضها يستخدم شعارات مناهضة للهجرة، مما أضفى على المزاعم زخما رقميا بدا وكأنه يوثق واقعة آنية داخل بريطانيا.

ولم يقتصر تفاعل المستخدمين مع الفيديو على إعادة النشر، بل جاءت التعليقات كاشفة لطبيعة الخطاب المرافق، فقد اعتبر بعضهم أن توزيع أجهزة “بلاي ستيشن” مجاناً على المهاجرين -بحسب الادعاء- يمثل “إهانة لدافعي الضرائب البريطانيين”، مع عبارات مثل: “تُمنح أجهزة بلاي ستيشن مجاناً بينما يكافح البريطانيون العاملون، وحين تنقطع هذه الهبات يثورون غضبا.. إهانة مطلقة لدافعي الضرائب”، في توظيف مباشر للرواية لإذكاء الغضب الشعبي.

في المقابل، ظهرت تعليقات ذات طابع أكثر تطرفا، صورت المهاجرين باعتبارهم “مخلوقات جُلبت لتعطيل المجتمع وإذلاله”، والغاية -وفق هذا الخطاب- هي دفع المجتمعات إلى “العنف الشديد أو الاستسلام”، بما يمهد لفرض “قوانين قمعية” على الجميع.

وذهب آخرون إلى خطاب ديني صريح، وكتب أحدهم: “فلنكن صادقين، إنهم يتبعون دينا لم ينضج قط، لذا يجب أن نتعامل معهم كالأطفال ونُعيدهم إلى أمهاتهم حتى يتمكنوا من العيش بين أناس متحضرين”.

لكن وسط هذا السيل من التحريض، برزت أيضا أصوات ناقدة للادعاء ذاته، إذ أشار بعض المعلقين إلى أن المقطع قديم ومصوّر في متجر “غيم ستوب” بأميركا، محذرين من أن تداول مثل هذه المزاعم الكاذبة لا يخدم النقاش في ملف الهجرة في بريطانيا، بل يضره.

تفنيد الادعاء

أجرى فريق “الجزيرة تحقق” بحثا عكسيا عن الفيديو ليظهر أنه ليس حديثا ولا صلة له ببريطانيا، كما أن المقطع الأصلي يعود إلى عام 2018 وصور داخل متجر “غيم ستوب” (GameStop) في مدينة رالي بولاية نورث كارولاينا الأميركية.

 

النسخة الكاملة التي نشرها صاحب التسجيل تارينثيس كامبل على يوتيوب في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 أوضحت أن الحادثة تتعلق بمحاولة زبون إعادة لعبة فول آوت 76 (Fallout 76) واحتدم غضبه بسبب سياسة الاسترجاع.

ويسمع في المقطع صوت الرجل بلكنة أميركية واضحة، بينما تظهر شاشات تحمل شعار سلسلة متاجر غيم ستوب (GameStop) وإعلانات عن لعبة ريد ديد ريدمبشن 2 (Red Dead Redemption 2) التي كانت قد صدرت في العام نفسه.

الخلاصة والتحليل

التحقيق يثبت أن الفيديو مضلل؛ فهو يوثق حادثة قديمة في الولايات المتحدة عام 2018 ولا علاقة له بمهاجرين أو بمتاجر في بريطانيا.

كما أن استدعاء المقطع الآن يندرج في إطار خطاب تحريضي على المهاجرين، إذ أُعيد توظيفه ليتماشى مع السجال الدائر في المملكة المتحدة عن سياسات اللجوء والهجرة.

وهذا النمط من التضليل يعكس إستراتيجية مألوفة في الحملات الرقمية اليمينية، حيث يعاد تدوير مقاطع قديمة خارج سياقها الجغرافي والزمني لتغذية روايات معادية للمهاجرين وتبرير سياسات متشددة تجاههم.

شاركها.