واشنطن العاصمة – شهدت منطقة بالقرب من نصب لنكولن في واشنطن العاصمة، يوم السبت، مراسم وداع رمزية للـ”بنس”، العملة المعدنية التي تم التوقف عن إصدارها في وقت سابق من هذا العام. وقد أثار قرار إيقاف إصدار البنس جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة، وتناول الحدث تداعيات هذا القرار على الاقتصاد والمواطنين.
تجمع عدد من النشطاء والمواطنين لأداء مراسم جنازة وهمية للعملة المعدنية، تعبيراً عن حزنهم على فقدانها واستنكارهم للقرار الحكومي. يأتي هذا الحدث بعد أشهر من إعلان وزارة الخزانة الأمريكية عن نيتها التوقف عن إنتاج البنس، بسبب ارتفاع تكلفة إنتاجه مقارنة بقيمته الاسمية.
الجدل حول مستقبل العملات المعدنية الصغيرة البنس
لطالما كانت العملة المعدنية “بنس” مثار جدل حول جدواها الاقتصادية. فتكلفة إنتاج البنس الواحد تجاوزت قيمته الاسمية منذ فترة طويلة، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان من المنطقي الاستمرار في إنتاجه. وبحسب تقارير مكتب المسككة الأمريكية (U.S. Mint)، بلغت تكلفة إنتاج كل بنس في عام 2023 حوالي 2.07 سنتًا، أي أكثر من ضعف قيمته.
صرح متحدث باسم وزارة الخزانة أن القرار يهدف إلى توفير المال على دافعي الضرائب. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر ذلك خطوة نحو تبسيط النظام النقدي وتقليل العبء على الشركات التي تتعامل مع كميات كبيرة من العملات المعدنية. تثير هذه الخطوة أيضاً نقاشاً أوسع حول مستقبل العملات المعدنية منخفضة القيمة، مثل النيكل والدايم، وما إذا كانت ستلحق بالبنس في التوقف عن الإنتاج.
تأثيرات محتملة على المستهلكين والشركات
من المتوقع أن يؤثر إيقاف إنتاج البنس على طرق التعاملات التجارية. غالباً ما تعتمد الشركات على تقريب الأسعار إلى أقرب خمسة سنتات، وهو ما سيصبح أكثر شيوعاً. ومع ذلك، قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع طفيف في الأسعار بالنسبة للمستهلكين، حيث قد يتم تقريب الأسعار دائماً لصالح البائع.
يرى بعض الاقتصاديين أن هذا التغيير سيكون ضئيلاً نسبياً، بينما يحذر آخرون من أنه قد يتراكم بمرور الوقت. بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه بعض المؤسسات الخيرية التي تعتمد على تبرعات البنس صعوبات في جمع التبرعات. سيشكل استمرار تداول البنس الموجود حالياً تحدياً، حيث ستظل قانونية للاستخدام حتى يتم سحبها من التداول بشكل كامل.
هناك آراء مختلفة حول تأثير التخلص من البنس على “العدالة السعرية”. يعتقد البعض أن البنس، رغم صغر حجمه، يمثل حماية للمستهلكين ضد التلاعب بالأسعار. في المقابل، يرى آخرون أن هذه الحماية وهمية، وأن التكلفة الاقتصادية للعملة تفوق أي فائدة محتملة.
وعلى الرغم من أن إيقاف إنتاج البنس قد لا يشكل تغييرًا جذريًا على المدى القصير، إلا أنه يُنظر إليه على أنه خطوة نحو مستقبل رقمي أكثر، حيث يزداد الاعتماد على طرق الدفع الإلكترونية. ولم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الخطوة ستفتح الباب أمام إلغاء عملات معدنية أخرى. وقد يشجع هذا القرار الحكومة على تقييم جدوى العملات المعدنية الأخرى، مثل النيكل، التي تواجه تحديات مماثلة.
في سياق متصل، تشهد الولايات المتحدة نقاشاً متزايداً حول دور العملات النقدية بشكل عام في ظل انتشار طرق الدفع الرقمية مثل بطاقات الائتمان والتطبيقات الذكية. يتوقع بعض المراقبين أن تتبنى المزيد من الدول حول العالم خطوات مماثلة لتقليل الاعتماد على العملات المعدنية والورقية. وتعزز التقنيات المالية الحديثة، مثل العملات المشفرة، هذا الاتجاه نحو مستقبل نقدي رقمي.
في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الكونجرس الأمريكي سيتدخل لمنع إيقاف إنتاج البنس. ومن المحتمل أن تتخذ وزارة الخزانة خطوات إضافية لتوعية الجمهور بالقرار، وتهدئة المخاوف المتعلقة بتأثيره على الأسعار. سيتم مراقبة تأثير هذا القرار عن كثب خلال الأشهر القادمة، مع التركيز على التغيرات في سلوك المستهلكين والشركات. ومن المتوقع أن يتم إجراء تقييم شامل للوضع في نهاية العام لتقييم الحاجة إلى اتخاذ إجراءات إضافية.






