يشهد الحدود الشمالية لإسرائيل إعادة بناء ترسانة عسكرية لحزب الله المدعوم من إيران، مما يثير مخاوف من تصعيد محتمل للتوترات وحرب جديدة بين الطرفين. وتأتي هذه التطورات بعد عام على اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، لكن يبدو أن هذا الاتفاق لا يزال هشاً. ويعتبر حزب الله قوة رئيسية في لبنان، وقد كثف من نشاطه العسكري في الآونة الأخيرة، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار الإقليمي.
تصعيد التوترات: حزب الله وإعادة التسلح على الحدود الإسرائيلية
أعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، نداف شوشاني، يوم الأربعاء، أن حزب الله ارتكب “انتهاكًا صارخًا لاتفاق وقف إطلاق النار”، مشيرًا إلى أن الجماعة تعمل على إعادة ترسيخ أصولها في قرية بيت ليف. يأتي هذا التحذير في ظل تبادل إطلاق نار متزايد بين إسرائيل وحزب الله على مدار الأشهر الماضية. وتتهم إسرائيل حزب الله بتلقي أسلحة من سوريا وإيران، وهو ما تنفيه الجماعة اللبنانية.
ينتقد البعض قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) لعدم وفائها بولايتها في نزع سلاح حزب الله، بالإضافة إلى بطء تحرك الجيش اللبناني. ويعزو هذا الوضع إلى التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها الحكومة اللبنانية. وتشن إسرائيل غارات جوية شبه يومية على البنية التحتية والعناصر التابعة لحزب الله داخل لبنان ردًا على هذه التطورات.
التمويل الإيراني والدعم اللوجستي
كشف مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية أن إيران قامت بتهريب ما يقرب من مليار دولار إلى حزب الله هذا العام على الرغم من العقوبات المفروضة عليها. ويدعم هذا التمويل قدرة الجماعة على الحصول على الأسلحة وتطوير قدراتها العسكرية. ويشير هذا الأمر إلى استمرار الدعم الإيراني لحزب الله، على الرغم من الضغوط الدولية.
تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن حزب الله يمتلك حاليًا حوالي 50 ألف مقاتل و50 ألف مقاتل احتياطي. ومع ذلك، يرى خبراء أمنيون إسرائيليون أن الجماعة لا تزال غير قادرة على شن عملية توغل واسعة النطاق في شمال إسرائيل، على الرغم من أنها قد تتمكن من إرسال عدد قليل من المقاتلين. وتقدر بعض المصادر أن حزب الله قد فقد عدة آلاف من مقاتليه في الاشتباكات مع إسرائيل.
برنامج الطائرات بدون طيار والقدرات التقنية
أظهرت التحقيقات الإسرائيلية أن حزب الله قام بتطوير برنامج واسع النطاق للطائرات بدون طيار، وهو ما يثير قلقًا متزايدًا في إسرائيل. وقد بدأت السلطات الألمانية محاكمة مُتهم بالانتماء إلى حزب الله بتهمة إدارة هذا البرنامج. ويعكس هذا التطور سعي حزب الله لتعزيز قدراته التقنية والاستطلاعية. والأسلحة، بشكل عام، هي المحور الرئيسي للقلق الإسرائيلي.
تتركز الغارات الإسرائيلية بشكل كبير جنوب نهر الليطاني، حيث يستثمر حزب الله في الطائرات بدون طيار والصواريخ قصيرة المدى والهاونات وصواريخ مضادة للدبابات. ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن هذا التركيز يهدف إلى حماية مناطق سيطرته في جنوب لبنان، وتجهيز نفسه لحرب محتملة. الترسانة العسكرية لحزب الله تشكل تهديداً كبيراً.
الوضع في لبنان والتحديات الداخلية
يصف محللون الوضع في لبنان بأنه “دولة فاشلة” بسبب شللها الحكومي. ويشيرون إلى أن حزب الله يمتلك ما لا يقل عن 40 ألف مقاتل وما بين 15 ألفًا و20 ألف صاروخ وقذيفة موجهة. ويتلقى مقاتلو حزب الله رواتب شهرية تبلغ حوالي 2200 دولار، في حين أن الجنود اللبنانيين يحصلون على 275 دولارًا فقط، ويعانون من نقص في المعدات. هذا التفاوت يزيد من نفوذ حزب الله داخل المجتمع اللبناني.
يرى البعض أن حزب الله يمثل سلطة موازية للدولة في لبنان، وأن ولاءه الأساسي لإيران وليس للبنان. ويؤكدون على أن استمرار حزب الله في الاحتفاظ بترسانته العسكرية يشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي. وتجمع إسرائيل معلومات استخباراتية عن ترسانة حزب الله وتشن غارات يومية على قادته وعناصره.
يستمر التوتر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية في التصاعد، مع عدم وجود حلول سياسية واضحة في الأفق. ويحذر المراقبون من أن الحرب قد تندلع في أي لحظة، خاصة إذا استمر حزب الله في إعادة بناء قدراته العسكرية وتلقي الدعم من إيران. من المتوقع أن تواصل إسرائيل جهودها لتقويض قدرات حزب الله، في حين من المرجح أن يستمر الأخير في تحدي إسرائيل والدفاع عن مصالحه. ينبغي مراقبة التطورات الأمنية والسياسية عن كثب في الفترة المقبلة، وتحليل احتمالات التصعيد أو التهدئة.






