أدانت كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني بشدة استهداف إسرائيل للمدنيين وأفراد الجيش اللبناني، معتبرةً أن هذه الاعتداءات تمثل خرقًا سافرًا للسيادة الوطنية. وجددت الكتلة رفضها لأي محاولة لفرض شروط من قبل إسرائيل على لبنان، خاصة تلك المتعلقة بنزع سلاح حزب الله، مؤكدةً على حق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال.
جاء هذا الموقف عقب تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي أكد استمرار بلاده في العمل على إلزام الحكومة اللبنانية بنزع سلاح الحزب. وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار التوتر على الحدود الجنوبية للبنان، وتصاعد الاتهامات المتبادلة بين الطرفين.
الخلاف حول نزع سلاح حزب الله وتصعيد الموقف الإسرائيلي
تعتبر قضية سلاح حزب الله من أبرز القضايا الخلافية في لبنان، حيث يصر الحزب على الاحتفاظ بسلاحه كجزء من استراتيجية الدفاع عن البلاد، بينما تطالب إسرائيل بنزع سلاحه بشكل كامل. وقد أقر مجلس الوزراء اللبناني في أغسطس/آب الماضي حصر السلاح بيد الدولة، بما في ذلك سلاح حزب الله، وتكليف الجيش بوضع خطة لتنفيذ ذلك بحلول نهاية عام 2025.
لكن الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، أكد مرارًا أن الحزب لن يسلم سلاحه، داعيًا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية. في المقابل، تتهم إسرائيل الجيش اللبناني بالتقصير في تفعيل خطة نزع السلاح، وهي الاتهامات التي ترفضها بيروت بشدة.
الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة وتداعياتها
وعلى الصعيد الميداني، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءاته على مواقع في جنوب لبنان، زاعمًا أنها مواقع إطلاق صواريخ تابعة لحزب الله. وأفادت مصادر إعلامية باستهداف غارات إسرائيلية محيط بلدتي زفتا والنميرية في قضاء النبطية، بالإضافة إلى مناطق في قضاء صيدا وحومين جنوبي لبنان.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه دمر منشآت عسكرية وبنى تحتية استخدمها الحزب في عملياته الأخيرة. وتأتي هذه الاعتداءات بعد فترة من الهدوء النسبي، إثر اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بعد شهور من التصعيد.
خلفية الصراع وتصاعد التوترات
تعود جذور الصراع بين إسرائيل وحزب الله إلى عقود، وتصاعدت التوترات بشكل كبير في أكتوبر/تشرين الأول 2023، قبل أن تتحول إلى حرب شاملة في سبتمبر/أيلول 2024. خلال هذه الفترة، قُتل أكثر من 4 آلاف شخص وأصيب نحو 17 ألفًا آخرين في لبنان، نتيجة للعدوان الإسرائيلي.
بالإضافة إلى ذلك، قامت إسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار أكثر من 4500 مرة، مما أسفر عن مئات القتلى والجرحى، واحتلالها 5 تلال لبنانية ومناطق أخرى كانت تحتلها بالفعل منذ سنوات. وتشكل هذه التطورات تحديًا كبيرًا للاستقرار في المنطقة، وتثير مخاوف من اندلاع مواجهات جديدة.
وتشير التقديرات إلى أن استمرار هذا الوضع الراهن قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد، خاصة مع استمرار إسرائيل في الضغط على لبنان لنزع سلاح حزب الله. وتعتبر قضية الحدود المتنازع عليها، والوضع الأمني المتدهور في المنطقة، من العوامل التي تساهم في تعقيد الوضع.
مستقبل التوترات اللبنانية الإسرائيلية
من المتوقع أن يستمر التوتر على الحدود الجنوبية للبنان في الفترة القادمة، مع استمرار إسرائيل في اتهام حزب الله بتهديد أمنها. وتعتبر خطة الجيش اللبناني لنزع سلاح حزب الله بحلول نهاية عام 2025، نقطة محورية في هذا الصراع، حيث من غير الواضح ما إذا كانت ستنجح في تحقيق هدفها.
ما يجب مراقبته في الفترة القادمة هو رد فعل حزب الله على الضغوط الإسرائيلية، وموقف الحكومة اللبنانية من تنفيذ خطة نزع السلاح، بالإضافة إلى أي تطورات جديدة في المنطقة قد تؤثر على الوضع في لبنان. كما أن دور الوساطاء الدوليين، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، قد يكون حاسمًا في محاولة احتواء التصعيد وتجنب اندلاع حرب جديدة.






