في قلب غزة المحاصرة، حيث يتناوب القصف مع الجوع على سرقة أنفاس الصغار، تتكشف مأساة تفوق حدود الوصف.

أطفال القطاع الجوعى لم يعرفوا من الحياة سوى رائحة الدخان وصرير الطائرات، يُقتلون بصمت أحيانًا برصاص القذائف، وأحيانًا بأشد الأسلحة قسوة… سلاح الجوع. 

في هذه البقعة الضيقة التي تحولت إلى سجن مفتوح، تسقط براءة الطفولة ضحية حرب لا ترحم، وحصار يضيق الخناق حتى على أنفاس المولودين الجدد. إنها قصة جيل يُمحى أمام أعين العالم، في مشهد يختصر أقسى وجوه المأساة الإنسانية في عصرنا الحديث.

أفادت مصادر طبية في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس بوفاة طفل يبلغ من العمر خمس سنوات جراء سوء التغذية والمجاعة التي تعصف بقطاع غزة، ليرتفع بذلك عدد ضحايا الجوع ونقص الغذاء إلى 222 شهيدًا، من بينهم 101 طفل، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.

وفي حادث منفصل، أُصيب أحد المسعفين التابعين لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بشظايا قذيفة مدفعية خلال استجابته لنداء استغاثة عقب قصف منزل قرب الكلية الجامعية جنوب غرب حي الزيتون بمدينة غزة. وقد جرى نقله إلى مستشفى القدس حيث وُصفت حالته بأنها مستقرة.

تعيش غزة أوضاعًا إنسانية كارثية في ظل حصار خانق ونقص حاد في المواد الغذائية والأدوية، تفاقم منذ أن أغلقت سلطات الاحتلال جميع المعابر المؤدية إلى القطاع في 2 مارس 2025، مانعةً دخول معظم قوافل الإغاثة. هذا الإغلاق أسهم في انتشار الجوع وتحول المجاعة إلى واقع يهدد حياة مئات الآلاف.

ويرى مراقبون أن استمرار إغلاق المعابر وعدم إدخال المساعدات يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي الذي تحظره القوانين الدولية، فيما يحذر خبراء الصحة من أن الأوضاع قد تؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات وفيات الأطفال، خاصة مع انهيار المنظومة الصحية وعجز المستشفيات عن استقبال جميع الحالات الحرجة.

كما تشير تقديرات منظمات الإغاثة إلى أن نحو نصف سكان القطاع يعيشون على أقل من وجبة غذائية واحدة يوميًا، وأن معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة وصلت إلى مستويات قياسية، ما يجعل التدخل الدولي العاجل ضرورة قصوى لتفادي كارثة إنسانية أوسع.

شاركها.