أعلنت جماعة “جيش التحرير الوطني” الكولومبية، وهي جماعة مسلحة تسيطر على مناطق رئيسية لإنتاج الكوكايين، عن فرض حظر تجول لمدة ثلاثة أيام في المناطق التي تسيطر عليها ابتداءً من يوم الأحد. يأتي هذا الإجراء ردًا على التحذيرات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التدخل المحتمل في كولومبيا، وسط انتقادات من الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو للخطوة. هذا التطور يثير تساؤلات حول مستقبل الأمن والاستقرار في كولومبيا وتأثيره على إنتاج الكوكايين.

وبررت الجماعة المسلحة قرارها بالقول إنه يهدف إلى “الدفاع عن البلاد” ضد ما وصفته بـ “تهديدات التدخل الإمبريالي”. ووفقًا لبيان صادر عن الجماعة، فإن حظر التجول سيبدأ الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش يوم الأحد ويستمر حتى الأربعاء في نفس التوقيت، وذلك “لمنع وقوع حوادث” بين المدنيين والعسكريين. تأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد التوترات بين كولومبيا والولايات المتحدة بشأن مكافحة المخدرات.

“جيش التحرير الوطني” والتهديدات الأمريكية: خلفية الأزمة

تنشط جماعة “جيش التحرير الوطني”، التي تضم حوالي 5800 عضو، في أكثر من 20% من بلديات كولومبيا، وفقًا لمركز أبحاث “إنسايت كرايم”. وتعتبر الجماعة من بين الفاعلين الرئيسيين في تجارة الكوكايين غير المشروعة في البلاد. تعتمد الجماعة بشكل كبير على عائدات المخدرات لتمويل عملياتها.

وكان الرئيس الأمريكي قد حذر في وقت سابق من أن الدول المنتجة للكوكايين في أمريكا اللاتينية قد “تتعرض للهجوم”، مستهدفًا بشكل خاص كولومبيا التي اتهمها بـ “إنتاج وبيع الكوكايين للولايات المتحدة”. وقد أثارت هذه التصريحات قلقًا واسعًا في كولومبيا وأمريكا اللاتينية.

بالإضافة إلى ذلك، نشرت الولايات المتحدة قوات عسكرية كبيرة في البحر الكاريبي قبالة سواحل فنزويلا، متهمة إياها بالضلوع في تهريب المخدرات. هذا الانتشار العسكري زاد من حدة التوترات في المنطقة.

رد فعل الرئيس الكولومبي بيترو

سخر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو من بيان “جيش التحرير الوطني”، واصفًا إياه بأنه غير منطقي. وكتب على منصة إكس: “الاحتجاج على أي أحد لا يكون بقتل القرويين وسلب حريتهم”. وأضاف: “يا سادة جيش التحرير الوطني، أنتم تدعون إلى إضراب مسلح ليس ضد ترامب، بل خدمة لتجار المخدرات الذين يسيطرون عليكم”.

وكان بيترو قد طالب نظيره الأمريكي باحترام “سيادة” كولومبيا، معتبرًا أن التدخل العسكري الأمريكي غير مقبول. وتأتي هذه المطالبات في إطار سعي كولومبيا للحفاظ على استقلالها في مواجهة الضغوط الأمريكية.

موقف الحكومة الكولومبية

أعرب وزير الدفاع الكولومبي بيدرو سانشيز أيضًا عن إدانته لقرار “جيش التحرير الوطني”، واصفًا إياه بأنه “إكراه إجرامي”. وأكد أن القوات الأمنية الكولومبية “ستكون حاضرة في كل مكان” لضمان سلامة المواطنين. تؤكد الحكومة الكولومبية التزامها بمكافحة الجماعات المسلحة غير القانونية.

منطقة كاتاتومبو: مركز الأزمة

تعتبر منطقة كاتاتومبو الواقعة على الحدود مع فنزويلا من أبرز معاقل “جيش التحرير الوطني”، حيث تسيطر الجماعة على جزء كبير من إنتاج الكوكايين في هذه المنطقة. وتضم كاتاتومبو أكبر كميات من محاصيل أوراق الكوكا في العالم، مما يجعلها هدفًا رئيسيًا لعمليات مكافحة المخدرات.

تعتمد الجماعة في كاتاتومبو على تهريب الكوكايين، وأنشطة التعدين غير القانوني، وسرقة النفط، وعمليات الخطف بغرض الابتزاز المالي لتمويل عملياتها. هذه الأنشطة غير القانونية تزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.

مستقبل الأزمة وما يجب مراقبته

يُعد “جيش التحرير الوطني” آخر جماعة مسلحة كولومبية رئيسية بعد نزع سلاح القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) وتحولها إلى حزب سياسي. ومع ذلك، لا تزال هناك جماعات منشقة عن فارك تمارس نفوذًا في أجزاء مختلفة من البلاد.

من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من التوترات بين الحكومة الكولومبية والولايات المتحدة من جهة، و”جيش التحرير الوطني” من جهة أخرى. يجب مراقبة تطورات الوضع الأمني في منطقة كاتاتومبو، ومسار المفاوضات المحتملة بين الحكومة والجماعة المسلحة، ورد فعل الولايات المتحدة على الإجراءات الكولومبية. كما يجب متابعة تأثير هذه التطورات على إنتاج الكوكايين وتدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة.

شاركها.