بدأ البرلمان التونسي، اليوم الجمعة، جلسة استثنائية مخصصة لمناقشة والتصويت على تعديل مثير للجدل لقانون الانتخابات، الذي سيتم على أساسه إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة بعد أيام، في الوقت الذي عبّرت فيه جبهة الخلاص الوطني المعارضة عن رفضها للتصويت.

وتتزامن جلسة البرلمان هذه مع احتجاجات نظمها عشرات الناشطين بالقرب من مقر البرلمان، رفضا لهذه التعديلات التي يناقشها النواب.

وافتتح رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة الجلسة الاستثنائية المخصصة لمناقشة مشروع تعديل قانون الانتخابات، والتي من المقرر أن تنتهي بالتصويت عليه من قبل النواب، إما بالمصادقة أو الرفض.

وكان 34 نائبا من بين إجمالي عدد نواب البرلمان البالغ 154 تقدموا مؤخرا بمشروع تعديل للقانون، يهدف إلى تكليف محكمة الاستئناف، بدلا من المحكمة الإدارية، بمراقبة العملية الانتخابية، والنظر في النزاعات والطعون المتعلقة بها.

وأوضح مقدمو مشروع التعديل أن أحد أسبابه هو الخلاف القائم بين المحكمة الإدارية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بعد رفض الهيئة قبول حكم للمحكمة الإدارية بإعادة 3 مرشحين للانتخابات الرئاسية لأسباب وصفتها بـ”الإجرائية”.

ومع ذلك، لم تُقنع هذه المبررات أحزاب بالمعارضة ومنظمات حقوقية، والتي اعتبرت أن الهدف الحقيقي من التعديل هو “تزييف الإرادة الشعبية”.

معارضة بالتزامن

وتزامن افتتاح الجلسة الاستثنائية للبرلمان اليوم مع تظاهرة نظمها عشرات الناشطين أمام مجمع “مونبري باردو” التجاري بالقرب من مقر البرلمان، استجابة لدعوة من “الشبكة التونسية للحقوق والحريات”، وهو ائتلاف يضم جمعيات حقوقية وأحزابا ليبرالية ويسارية.

ورفع المتظاهرون لافتات تحمل شعارات مثل: “لا خوف ولا رعب.. الشارع ملك الشعب”، و”هايلة (رائعة) البلاد.. قمع واستبداد”، و”حريات حريات.. دولة البوليس وفات (أي انتهت)”.

في الوقت ذاته، شهد محيط البرلمان إجراءات أمنية مشددة، حيث أغلقت جميع المنافذ والشوارع المؤدية إليه، وفقا لمراسل وكالة الأناضول.

وينص الفصل 46 من مشروع التعديل على أنه “يتم الطعن في قرارات هيئة الانتخابات من قبل المترشحين المقبولين من الهيئة أمام محكمة الاستئناف بتونس، وذلك في أجل أقصاه 48 ساعة من تاريخ التعليق أو الإعلام”.

أما الفصل 47، فينص على أن “يتم الطعن في القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف من قبل المترشحين المشمولين بتلك القرارات أو من قبل الهيئة أمام محكمة التعقيب في أجل 48 ساعة من تاريخ الإعلام بها”.

الاختصاصات

ووفق الاختصاصات الراهنة، ينظر القضاء الإداري في الخلافات بين المواطنين ومؤسسات الدولة عبر جلسة يجتمع فيها 27 من القضاة، بينما تنظر محكمة الاستئناف في النزاعات القائمة بين المواطنين في جلسة مكونة من 3 قضاة.

وفي 2 سبتمبر/أيلول الجاري أعلنت هيئة الانتخابات أن القائمة النهائية للمرشحين تقتصر على 3 فقط (من أصل 17) هم: الرئيس قيس سعيّد، وأمين عام حركة “عازمون” العياشي زمال (معارض) وأمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي (مؤيد لسعيد).

بينما رفضت الهيئة قبول 3 مرشحين (معارضين) رغم أن المحكمة الإدارية قضت بأحقيتهم بخوض الانتخابات بدعوى “عدم إبلاغها بالحكم خلال المهلة المحددة قانونا”.

وهؤلاء الثلاثة هم أمين عام حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي، والمنذر الزنايدي، وزير سابق بعهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وعماد الدايمي، مدير ديوان الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.

وانطلقت حملة الدعاية الانتخابية في 14 سبتمبر/أيلول، وتستمر حتى 4 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قبل يومين من موعد الانتخابات المقررة في 6 من الشهر ذاته.

جبهة الخلاص تعترض

من جهة ثانية، عبّرت جبهة الخلاص الوطني المعارضة، اليوم الجمعة، عن رفضها تصويت مجلس نواب الشعب (البرلمان) على تعديل القانون الانتخابي، معتبرة أنه “أمر غير مسبوق في تاريخ تونس”.

وقال رئيس الجبهة سمير ديلو، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس إن ما يحصل في البرلمان استقواء أحد المتقاضين بالمؤسسة التشريعية للفوز بمآل القضية.

وفي أبريل/نيسان الماضي، أعلنت جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة في البلاد، اعتزامها عدم المشاركة في الانتخابات؛ بداعي “غياب شروط التنافس”.

بينما تقول السلطات إن الانتخابات تتوفر لها ظروف النزاهة والشفافية والتنافس العادل.

وتشهد تونس أزمة واستقطابا سياسيا حادا منذ أن بدأ سعيد، في 25 يوليو/تموز 2021، فرض إجراءات استثنائية تضمنت حلّ مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس بن علي (1987ـ 2011).

شاركها.