شهدت مدينة حمص وسط سوريا توترات وأحداثاً أمنية عقب جريمة قتل مروعة، وذلك في بلدة زيدل أمس الأحد. وقد أثارت هذه الجريمة، التي راح ضحيتها رجل وزوجته، مخاوف من محاولة لإعادة إشعال الفتنة الطائفية، خاصةً مع العثور على كتابات ذات طابع تحريضي في مكان الحادث. وتُركز التحقيقات حالياً على كشف ملابسات جريمة حمص ودوافعها الحقيقية.
وعلى الفور، اتخذت السلطات السورية إجراءات أمنية مشددة في المدينة، حيث انتشرت قوات الأمن والجيش بكثافة في الأحياء المختلفة، وتم فرض حظر التجوال في عدد منها. وتأتي هذه الإجراءات في محاولة لاحتواء أي ردود فعل محتملة، والحفاظ على الأمن والاستقرار.
تطورات القضية والإجراءات الأمنية
أعلنت محافظة حمص، نقلاً عن إدارة قوى الأمن الداخلي، تمديد حظر التجوال في عدة أحياء حتى الساعة الخامسة من مساء اليوم الاثنين. وتشمل الأحياء المتأثرة بالقرار: العباسية، الأرمن، المهاجرين، الزهراء، النزهة، عكرمة، النازحين، عشيرة، زيدل، كرم الزيتون، كرم اللوز، حي الورود، ومساكن الشرطة. وتهدف هذه الخطوة إلى تمكين الأجهزة الأمنية من إكمال تحقيقاتها بشكل كامل.
ودعت الإدارة سكان هذه الأحياء إلى الالتزام التام بقرار حظر التجوال، حفاظاً على سلامتهم، وتجنباً لأي احتكاكات غير ضرورية. كما أكدت على أهمية التعاون مع الجهات المختصة، وتقديم أي معلومات قد تساعد في كشف ملابسات الجريمة. ويشكل الأمن في حمص أولوية قصوى للسلطات المحلية.
ردود فعل شعبية ورسمية
أثارت الحادثة ردود فعل واسعة النطاق على منصات التواصل الاجتماعي، وانقسمت الآراء بين من طالبوا بمعاقبة الجناة بشدة، ومن دعوا إلى الهدوء والتعقل، وتجنب الانجرار وراء أي محاولات لإثارة الفتنة. وقد عبر ذوو الضحيتين عن رفضهم لأي توظيف طائفي للجريمة، مؤكدين ثقتهم بالقضاء السوري.
وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وبيانات تعبر عن هذا الرفض. وكان من بين هذه البيانات تغريدة نشرها غسان إبراهيم، أكد فيها على رفض عائلة الضحية محاولات استغلال الحادث لإثارة الفتنة. وتضافرت الجهود المجتمعية لتعزيز الوحدة الوطنية.
من جهته، أصدر مفتي حمص الشيخ سهل جنيد كلمة حث فيها على التهدئة والحذر، محذراً من الانزلاق نحو الفتنة، ومؤكداً على أهمية التمسك بالوحدة الوطنية. وشدد المفتي على ضرورة ترك الأمور للقضاء، وتحقيق العدالة للضحايا. وتعتبر دعوات المفتي جزءًا من جهود السلم الأهلي في سوريا.
كما صرح المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، بأن التحقيقات الأولية لا تشير إلى وجود دوافع طائفية وراء الجريمة، وأن العبارات المكتوبة في مسرح الجريمة قد تكون محاولة للتضليل. وأضاف أن جميع الاحتمالات لا تزال مطروحة، وأن الأجهزة الأمنية تعمل بكل جدية لكشف الحقيقة.
تداعيات محتملة ومخاوف من الفتنة
أعادت هذه الأحداث إلى الواجهة النقاش حول محاولات استهداف النسيج الاجتماعي السوري، وإعادة إحياء الصراعات الطائفية. ويخشى مراقبون من أن تستغل بعض الجهات الحادثة لإثارة الفوضى، وتقويض جهود الاستقرار التي تبذل في البلاد. وبينما تنجح السلطات في فرض القانون، يظل التحدي الأكبر في معالجة الأسباب الجذرية التي قد تؤدي إلى العنف.
ورأى البعض أن نجاح السلطات الأمنية في مكافحة المخدرات، وملاحقة تجارها ومروجيها، يمثل مؤشراً إيجابياً على قدرتها على فرض الأمن، والسيطرة على الأوضاع. وأعربوا عن أملهم في أن يتم توجيه جهود مماثلة لضبط السلاح المتفلت، وتفكيك العصابات المسلحة.
ومع ذلك، يرى آخرون أن هناك حاجة إلى خطة عمل شاملة لمعالجة الأبعاد الأمنية والاجتماعية والثقافية للقضية، بهدف إعادة ترسيخ السلم الأهلي، وتعزيز الوحدة الوطنية. ويتطلب ذلك جهودًا متضافرة من جميع أطراف المجتمع.
تتجه الأنظار حاليًا إلى نتائج التحقيقات الجارية، وما إذا كانت ستكشف عن دوافع حقيقية وراء الجريمة، وعلاقة محتملة لأي جهات تسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في حمص. من المتوقع أن يصدر بيان رسمي من وزارة الداخلية خلال الأيام القادمة يتضمن تفاصيل إضافية حول سير التحقيقات، والإجراءات المتخذة.






