ليس على الأرض أو وسط الجبال.. هو إرهاب شبكي قاتل يعمل على ضخ هائل للمحتويات المتطرفة في شبكات الألعاب الإلكترونية، ويحذر المختصون منه مؤكدين تداخل مؤثرات الألعاب مع المعلومات المجتزأة من المواد الرقمية المتداولة، والتحذيرات يقودها المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)؛ الذي كشف أن الضخ الهائل للمحتويات المتطرفة في الشبكات يشجع على نشوء الفكر المتطرف، إذ تتداخل مؤثرات الألعاب مع المعلومات المجتزأة من المواد الرقمية المتداولة السهلة الانتشار؛ خصوصاً بين صغار السن الذين تتقاطع لديهم أزمة الهوية مع أزمات متخيلة ترتبط بمصيرهم ومصير العالم. ولفت (اعتدال) إلى أن هذا الأمر يدفع إلى دعم أو تبني حالات عنف معينة، غالباً ما تستلهم من سيناريوهات الألعاب الرقمية، إذ يجدون فيها تعبيراً عن توتراتهم واضطراباتهم.

ودعا المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف، إلى ضرورة تحصين البيئة الإلكترونية التي تجذب هذه الفئة من الشباب على منصات الألعاب الإلكترونية، مؤكداً أهمية بناء منظومة تتبع ودراسة الرسائل الصريحة والضمنية التي يتم تمريرها عبر المنصات، إذ يمكن أن تؤدي إلى إعادة برمجة هذه الفئة الهشة على تقبل مشاعر وانفعالات خطيرة؛ ما يسهل الوقوع في فخ الاستقطاب الشبكي للتنظيمات الإرهابية.

التنظيمات الإرهابية تستغل الثورة الرقمية

كشف الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر داخل الجعيد، أن الجماعات الإرهابية تعمل على تصنيف مواقع التواصل وفق استخدامها المناسب، إذ تنشط في مواقع التواصل لاستدراج الشباب بطرق غير مباشرة، ونشر الأخبار الترويجية للأفكار المتطرفة، والمساهمة في نشر أدبيات التنظيم الإرهابي وكتاباته وروابط تقاريره المصورة والمرئية ومخاطبة عناصره المجندين وتوجيه تعليماته بسرية منعاً لكشفه، وإن هؤلاء يقومون بترويج نجاحات مزيفة. مضيفاً: صحيح هناك ثورة اتصالية غير مسبوقة، وفي ذات الوقت تستغل التنظيمات الإرهابية تلك الثورة في نشر نشاطاتها وتوسيع نطاق سعياً منها للوصول إلى العالم واستغلالها لتجنيد أتباعها، والاعتماد على آلية منخفضة التكلفة يتيح نشر المعلومات عن التنظيمات وكيفية التواصل مع أعضائها، وتسهيل تشكيل المجموعات وتقليل تكلفة تجنيد الأعضاء وإيجاد حوافز حماسية للمشاركة بعيداً عن أعين الرقابة والأمن.

«داعش» ومحاولة التسلل إلى الوعي

الخبير الأمني اللواء الجعيد، كشف أن المتطرف يلجأ دائماً إلى حيلة إفراغ المفردات من دلالاتها، وتشويه أية محاولات لإيجاد تعريف دقيق للمصطلحات والمفاهيم التي تعتمد كركن رئيسي على تلك المفردات، والتي من شأنها غالباً ضبط الوعاء الفكري واللغوي لدى المتلقين، الأمر الذي يمنح المتطرف مساحة تُمكنه من التسلل نحو وعي كثير من الفئات المجتمعية، خصوصاً صغار السن لتجنيدهم وتشويه متعمد للهوية الوطنية وحدود الدولة وتأليبهم ضد القيادة والدولة وتكوين خط لإيقاد الثورات المدمرة والحروب القاتلة وتدمير الأوطان. وأوضح الجعيد أن تنظيم داعش عمد إلى استخدام التقنية كأداة لتجنيد المقاتلين واستخدام هذه المحتويات بطريقة جذابة لكسب أتباعه ونشر الخوف ضد معارضيه.

ضعف المؤسسات التقليدية

أكد المركز العالمي لمحاربة الفكر المتطرف (اعتدال)، أن التنظيمات المتطرفة في منصات التواصل لا تكمن في تميزها أو إبداعها شكلاً أو مضموناً، بل في قدرتها على تغذية الشبكة بمواد مختلفة، وحفاظها على استدامة هذه العملية، نتيجة ضعف المؤسسات التقليدية لمحاربة التطرف مما مكنه من انتشار الدعائية المتطرفة.

وبيّن أن طريقة التجنيد عبر المنصات هي إفقاد المغرر بهم الثقة في أنفسهم، ورفع شعورهم الدائم بالذنب وتأنيب الذات وتحويل الأخطاء الإنسانية العادية إلى نوع من المعاصي التي لا تغتفر، وبعد اقتناع الضحية يكون سهل الانقياد قولاً وفعلاً.

تعاون بين «اعتدال» و«تيلغرام» للمكافحة

أسفرت الجهود المشتركة بين «اعتدال» و«تيلغرام» في مجال مكافحة المحتوى المتطرف عن نتائج جديدة، ليصل إجمالي عدد المحتويات المتطرفة التي تمت إزالتها منذ فبراير 2022م، وحتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي إلى 129.634.467 محتوى متطرفاً، وإغلاق 14.516 قناة متطرفة على المنصة.

وتمكنت الفرق المشتركة خلال الربع الثالث من العام الحالي 2024م، من رصد وإزالة النشاط الدعائي لثلاثة تنظيمات إرهابية «داعش»، «هيئة تحرير الشام»، و«القاعدة»، بإجمالي 356.34.916 محتوى متطرفاً، وإغلاق 323 قناة متطرفة، إذ تَصدّرَ تنظيم داعش الإرهابي المنشورات المزالة بـ34.602.606 محتويات متطرفة، وإغلاق 189 قناة متطرفة، تلاه تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي بإزالة 768.821 محتوى متطرفاً، وإغلاق 87 قناة متطرفة، فيما تذيَّلَ تنظيم القاعدة الإرهابي قائمة المحتويات المتطرفة المزالة بـ263.489 محتوى متطرفاً، وإغلاق 47 قناة متطرفة.

السجن 25 عاماً لمنشئ الموقع الإرهابي

أكد المحامي المستشار القانوني عبدالعزيز بن دبشي، أن نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله قد حدد عقوبة لكل فعل، وتضمن نص المادة الـ31 السجن مدة لا تزيد على 30 سنة ولا تقل عن 10 سنوات، لكل من قام بحَمل أي سلاح أو متفجرات تنفيذاً لجريمة إرهابية.

وحددت المادة الـ32 العقاب بالسجن مدة لا تزيد على 25 سنة ولا تقل عن 15 سنة، لكل من أنشأ كياناً إرهابياً أو أداره أو تولى منصباً قياديّاً فيه.

وقال ابن دبشي: إن نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله حدد في المادة الـ34 العقاب بالسجن مدة لا تزيد على ثماني سنوات ولا تقل عن ثلاث سنوات، لكل من أيّد أي فكر إرهابي، أو دعا له، أو كيان إرهابي، أو جريمة إرهابية أو منهج مرتكبها، أو أفصح عن تعاطفه معه أو سوَّغ فعله أو جريمته، أو روج لها، أو أشاد بها، أو حاز أو أحرز أي محرر أو مطبوع أو تسجيل -بقصد النشر أو الترويج- أياً كان نوعه يتضمن تسويغاً أو ترويجاً لفكر إرهابي أو لجريمة إرهابية أو إشادة بذلك.

وبين ابن دبشي أن المادة الـ35 قد حددت عقابا بالسجن مدة لا تزيد على 25 سنة ولا تقل عن ثماني سنوات، لكل من حرض آخر على الانضمام إلى أي كيان إرهابي، أو المشاركة في أنشطته، أو جنّده، أو ساهم في تمويل أي من ذلك، فإن كان قد عمل على منعه من الانسحاب من الكيان، أو استغل لهذا الغرض ما يكون له عليه من ولاية أو سلطة أو مسؤولية أو أي صفة تعليمية أو تدريبية أو توجيهية أو اجتماعية أو إرشادية أو إعلامية، فلا تقل عقوبة السجن عن 15 سنة.

شاركها.