يحلم كل مستثمر ببناء ثروة قدرها مليون دولار للتقاعد، ولكن البعض يرفض هذا الاحتمال تمامًا، معتقدين أنه أمر مستحيل. هذا الاعتقاد غير صحيح بالنسبة للكثيرين، فبإمكان معظم الأفراد تحقيق محفظة مليون دولار من خلال التخطيط السليم والاستثمار الذكي. يعتمد تحقيق هذا الهدف بشكل كبير على الوقت المتاح للاستثمار والعائد على الاستثمار، ولكن مع مرور الوقت، يمكن للفائدة المركبة أن تتغلب على العوائد المعتدلة وتساهم في بناء ثروة كبيرة.

بناء محفظة مليون دولار: هل هو ممكن؟

تعتبر القدرة على الاستثمار لفترات طويلة من أهم العوامل في تحقيق عوائد كبيرة. قد يتطلب الأمر عقودًا للاستفادة الكاملة من قوة الفائدة المركبة، وهو ما قد يكون صعبًا خاصة بالنسبة للمستثمرين الجدد. ومع ذلك، فإن فهم هذه الآلية يشجع على البدء مبكرًا لتحقيق الأهداف المالية طويلة الأجل.

وفقًا للتحليلات، يمكن لشخص يبدأ الاستثمار في سن العشرين، ويهدف إلى التقاعد في سن الخامسة والستين، أن يحقق ثروة قدرها مليون دولار عن طريق ادخار حوالي 363 دولارًا شهريًا إذا حقق عائدًا سنويًا متوسطًا قدره 6٪. وإذا تمكن من تحقيق عائد 10٪، وهو متوسط العائد السنوي لسوق الأسهم على المدى الطويل، فسيحتاج فقط إلى ادخار 96 دولارًا شهريًا.

حتى لو بدأ المستثمر في سن الثلاثين، فإن تحقيق مليون دولار بحلول سن الخامسة والستين لا يزال هدفًا واقعيًا. ففي حالة عائد سنوي متوسط قدره 6٪، سيتطلب الأمر ادخار 702 دولارًا شهريًا، بينما ينخفض هذا المبلغ إلى 264 دولارًا فقط في حالة تحقيق عائد 10٪.

أهمية العائد على الاستثمار

توضح هذه الأمثلة أن الاستثمار لعقود يمكن أن يحقق عوائد هائلة بفضل الفائدة المركبة. ومع ذلك، فإن زيادة العائد على الاستثمار يسهل بشكل كبير الوصول إلى هدف المليون دولار. تعتبر الاستثمارات ذات المخاطر الأعلى، مثل الأسهم، قادرة على تحقيق عوائد أكبر على المدى الطويل، ولكنها تأتي أيضًا مع تقلبات أكبر.

ينصح العديد من الخبراء، مثل وارن بافيت، الرئيس التنفيذي لشركة بيركشاير هاثاواي، بالاستثمار في صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة التي تتبع مؤشر S&P 500. أوضح بافيت في مقابلة مع CNBC عام 2017 أن هذه هي أفضل نصيحة يمكن تقديمها للمستثمر العادي، حيث أنها توفر تنويعًا فوريًا ورسومًا منخفضة.

تعتبر صناديق المؤشرات خيارًا جذابًا لأن معظم المستثمرين، حتى المحترفين، يجدون صعوبة في التفوق باستمرار على أداء سوق الأسهم بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، فإن الرسوم المنخفضة لصناديق المؤشرات تزيد من العائد الصافي للاستثمار.

خطوات عملية لتحقيق الهدف

الاستثمار المنتظم هو مفتاح النجاح في بناء الثروة. لضمان عدم تفويت أي مساهمة شهرية، من الأفضل أتمتة التحويلات من الحساب البنكي إلى حساب الاستثمار. بهذه الطريقة، يتم استثمار الأموال تلقائيًا بغض النظر عن ظروف السوق أو الوضع المالي الشخصي.

من الجيد أيضًا زيادة المساهمات مع زيادة الدخل. معظم العاملين يكسبون أكثر في الثلاثينيات مقارنة بالعشرينيات، وفي الأربعينيات مقارنة بالثلاثينيات، وهكذا. لذلك، من المنطقي زيادة مستوى المساهمة مع ارتفاع الدخل. يمكن أيضًا استثمار الأموال الإضافية، مثل الهدايا أو المبالغ المستردة من الضرائب أو المكافآت السنوية، لزيادة قيمة الحساب دون تحمل أي عبء مالي إضافي.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على المستثمرين النظر في تنويع الاستثمارات عبر مختلف فئات الأصول، مثل الأسهم والسندات والعقارات، لتقليل المخاطر وزيادة فرص تحقيق عوائد مستقرة. كما أن إعادة توازن المحفظة بشكل دوري تضمن بقاء تخصيص الأصول متوافقًا مع أهداف المستثمر وتحمل المخاطر.

تعتبر التخطيط للتقاعد والبدء في الاستثمار مبكرًا من أهم الخطوات نحو تحقيق الاستقلال المالي. معرفة كيفية عمل الفائدة المركبة والاستفادة منها يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في بناء الأصول المالية على المدى الطويل.

في المستقبل القريب، من المتوقع أن يستمر سوق الأسهم في التقلب بسبب عوامل اقتصادية وسياسية مختلفة. سيراقب المستثمرون عن كثب قرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة، بالإضافة إلى تطورات النمو الاقتصادي العالمي. من المهم البقاء على اطلاع دائم بهذه التطورات واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة بناءً عليها.

شاركها.