دخل قيادات في حركة النهضة التونسية، على رأسهم راشد الغنوشي وعلي العريض، في إضراب عن الطعام احتجاجًا على الأحكام الصادرة ضد المعارضين السياسيين، وعلى رأسهم المحامي العياشي الهمامي. يأتي هذا الإضراب في خضمّ توتر سياسي وقانوني متصاعد في تونس، مع مطالبات متزايدة بمحاكمة عادلة ووقف ما تعتبره المعارضة “استهدافًا سياسيًا” لشخصيات معارضة. هذا الإجراء يعكس حالة من الاحتجاج على الوضع الحالي للمحاكمات في تونس.
بدأ الإضراب يوم الاثنين 22 ديسمبر 2025، وسيستمر لمدة ثلاثة أيام، وهو يمثل دعمًا واضحًا للهمامي الذي يخوض إضرابًا مفتوحًا عن الطعام منذ اعتقاله. وتأتي هذه الخطوة بعد إدانة المحامي الهمامي في قضية تتعلق بالتآمر ضد أمن الدولة، وهي قضية أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الحقوقية والسياسية التونسية.
أسباب الإضراب والمطالب الأساسية
يعبّر الإضراب عن رفض قيادات حركة النهضة لما يرونه “محاكمات غير عادلة وإجراءات قمعية” تستهدف المعارضين السياسيين. وتعتبر الحركة أن الأحكام الصادرة بحقهم وبحق آخرين ذات دوافع سياسية، وأنها تهدف إلى إسكات الأصوات المنتقدة للسلطة.
وتتركز مطالب المضربين، وفقًا لهيئة الدفاع عنهم، حول ضمان استقلالية القضاء، وتوفير محاكمة عادلة للجميع، واحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، يطالبون بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الذين صدرت بحقهم أحكام قاسية.
تفاصيل القضايا والأحكام الصادرة
تأتي مشاركة راشد الغنوشي وعلي العريض في الإضراب بعد فترة من الاعتقالات والإدانات بحق شخصيات معارضة. الغنوشي، المعتقل منذ أبريل 2023، يواجه اتهامات تتعلق بتحريض على أمن الدولة، وهو ما ينفيه بشدة، معتبرًا أن توقيفه ومحاكمته ذات أهداف سياسية.
أما علي العريض فقد صدر ضده حكم بالسجن لمدة 34 عامًا في مايو الماضي بتهمة إرسال الشباب للقتال في سوريا. وتعتبر هذه الأحكام من الأشد قسوة التي تصدر بحق المعارضين التونسيين منذ سنوات. تعكس هذه الأحكام حالة من القلق بشأن الوضع السياسي في تونس.
مطالب العياشي الهمامي ودعوة للإضراب الجماعي
الأستاذ العياشي الهمامي، المحامي والمعتقل، دعا إلى إضراب جماعي في السجون بالتزامن مع الإضراب الذي بدأه هو شخصيًا، وذلك للمطالبة بظروف محاكمة عادلة ووقف ما وصفه بالتعسف القضائي. ويخوض الهمامي إضرابه المفتوح منذ اعتقاله في أوائل ديسمبر الحالي، بعد تنفيذ حكم بالسجن لمدة 5 سنوات.
وتتناول قضية الهمامي تهمًا تتعلق بالتآمر ضد أمن الدولة، وهي التهم التي يرفضها محاموه ويعتبرونها ملفقة. ويحظى الهمامي بتأييد واسع من قبل المحامين والناشطين الحقوقيين في تونس، الذين يعتبرونه رمزًا للنضال من أجل العدالة الانتقالية.
تداعيات الإضراب والمخاوف الحقوقية
يثير الإضراب الذي يخوضه قيادات المعارضة مخاوف بشأن الأوضاع الحقوقية في تونس، واحتمال تدهورها في ظل ما تشهده البلاد من انقسامات سياسية. وتشير تقارير منظمات حقوقية إلى تزايد الاعتقالات التعسفية، وانتهاكات الحريات العامة، وتضييق الخناق على المعارضة.
وتراقب الأوساط الدولية الوضع في تونس بقلق، وتدعو إلى احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون. كما تطالب بإجراء حوار وطني شامل يهدف إلى تجاوز الأزمة السياسية وإرساء أسس دولة ديمقراطية مستقرة.
من المرجح أن تستمر الأزمة السياسية والقانونية في تونس خلال الأيام القادمة، في ظل استمرار الإضراب ورفض المعارضة للتنازل عن مطالبها. ويتوقع المراقبون أن تشهد البلاد المزيد من الاحتجاجات والتحركات الاجتماعية، في حال استمرت السلطات في تجاهل المطالب المشروعة. وتبقى التطورات المرتبطة بقضية الهمامي والإضراب الذي يخوضه قيادات المعارضة هي المحور الرئيسي الذي ستتحدد على أساسه ملامح المشهد السياسي التونسي في الفترة القادمة، مع ترقب ردة فعل السلطات على هذه التطورات، وما إذا كانت ستفتح باب الحوار مع المعارضة أم ستستمر في سياسة التصلب.






