من المتوقع أن تشهد الهند طفرة في الاكتتابات العامة الأولية خلال عام 2026، لتسجل حصيلة قياسية للعام الثالث على التوالي. يعزى هذا النمو المتوقع إلى قائمة قوية من الشركات التي تستعد للإدراج، بالإضافة إلى إقبال كبير من المستثمرين المحليين والأجانب. و تشير تقديرات كبار المصرفيين الاستثماريين إلى أن حجم الأموال التي سيتم جمعها من خلال هذه الاكتتابات قد يصل إلى 25 مليار دولار.

يأتي هذا التفاؤل على خلفية أداء قوي لسوق الأسهم الهندية في العامين الماضيين، حيث شهدت تدفقات رأسمالية كبيرة من مختلف أنحاء العالم. وقد استفادت الشركات الهندية من هذه الفرصة لزيادة تمويلها وتوسيع نطاق أعمالها من خلال طرح أسهمها للاكتتاب العام. هذا النشاط المتزايد يعكس الثقة المتنامية في الاقتصاد الهندي وإمكاناته المستقبلية.

توقعات بارتفاع حصيلة الاكتتابات العامة الأولية في الهند

تتوقع مؤسسات مالية رائدة مثل “كوتاك ماهيندرا كابيتال” و”غولدمان ساكس” أن تبلغ قيمة الاكتتابات العامة الأولية في الهند 25 مليار دولار في عام 2026، وهو ما يمثل زيادة قدرها حوالي 14% عن مستويات العام الحالي. بينما يتوقع “جيه بي مورغان تشيس” أن تحافظ الحصيلة على مستوى يتجاوز 20 مليار دولار خلال السنوات القليلة القادمة. وتتحكم هذه البنوك الثلاثة مجتمعة في ما يقرب من ثلث سوق صفقات الاكتتاب.

أبرز الطروحات المرتقبة

تشمل قائمة الشركات التي من المتوقع أن تطرح أسهمها في البورصة خلال العام المقبل كلاً من “جيو بلاتفورمز” المملوكة للملياردير موكيش أمباني، وأكبر بورصة في البلاد، “ذا ناشيونال ستوك إكستشينج أوف إنديا”. بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد من الشركات الأخرى التي أبدت اهتمامًا بالإدراج، مثل “فون بي” (PhonePe) المدعومة من “وول مارت”، وسلسلة “مانيبال هوسبيتالز” (Manipal Hospitals)، ومنصة التوصيل “زيبتو” (Zepto).

وبحسب أبيناف بهارتي، المسؤول عن صفقات زيادة رأس المال عبر الأسهم في الهند لدى “جيه بي مورغان”، فإن الهند تعد من بين عدد قليل من الأسواق الناشئة التي توفر نموًا اقتصاديًا قويًا ومستدامًا. وأضاف أن تراجع تقييمات الأسهم الهندية حاليًا إلى أدنى مستوياتها منذ عدة سنوات من شأنه أن يشجع المستثمرين الأجانب على زيادة مخصصاتهم المالية في السوق الهندية.

بالتوازي مع ذلك، تشهد الأرباح ارتفاعًا ملحوظًا، حيث من المتوقع أن تنمو أرباح الشركات المدرجة في مؤشر “إم إس سي آي الهند” بنسبة 15.9% في عام 2026، مقارنة بنحو 2% في العام الحالي. وهذا يعزز جاذبية السوق الهندية للمستثمرين العالميين الذين يبحثون عن بدائل للسوق الصينية.

تجدر الإشارة إلى أن الهند احتلت المرتبة الرابعة بين أكثر أسواق العالم نشاطًا في الاكتتابات العامة الأولية خلال عام 2025، بعد أن اتخذت الجهات التنظيمية خطوات لتسهيل إجراءات الموافقة على الطروحات. حتى الآن، حصلت أكثر من 90 شركة على موافقة الجهة المنظمة للسوق على طرح أسهمها، بينما لا تزال هناك قائمة انتظار مماثلة من الشركات التي قدمت طلبات إدراج.

ومع ذلك، يشير البعض إلى أن الحماس في السوق لم يكن متساويًا بين جميع الشركات أو الصفقات، حيث يتم تداول حوالي نصف أسهم الشركات التي ُطرحت للاكتتاب العام في عام 2025 بأسعار أقل من سعر الطرح الأصلي. ويعكس هذا التفاوت جودة الصفقات المتنوعة في السوق المزدحمة. كما أثيرت مخاوف بشأن تسعير بعض الاكتتابات بشكل غير دقيق، مما أدى إلى توخي المستثمرين الحذر.

إضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن أي تأخيرات في اتفاق التجارة بين الهند والولايات المتحدة قد تؤثر سلبًا على معنويات المستثمرين. لكن على الرغم من هذه التحديات، يرى خبراء المال أن الهند لا تزال وجهة استثمارية واعدة، وأن الصناديق العالمية التي لم تستثمر بعد في السوق الهندية قد تُضطر إلى العودة بمستويات كبيرة للاستفادة من الفرص المتاحة.

في الختام، من المتوقع أن يستمر زخم الاكتتابات العامة الأولية في الهند خلال عام 2026، مدفوعًا بالنمو الاقتصادي القوي وإقبال المستثمرين. ومع ذلك، يجب مراقبة التطورات الجيوسياسية واتجاهات تسعير الأسهم لتقييم المخاطر المحتملة وتحديد أفضل فرص الاستثمار. وترقب إعلانات الشركات الكبرى عن خطط إدراجها خلال الأشهر القادمة سيكون مؤشرًا هامًا على مسار السوق.

شاركها.