شهدت المملكة المتحدة زيادة ملحوظة في استخدام الطائرات بدون طيار من قبل السلطات المحلية، مما أثار مخاوف بشأن المراقبة المحتملة للمواطنين. تشير البيانات الصادرة عن هيئة الطيران المدني إلى أن أكثر من 60 مجلسًا محليًا وظّفوا موظفين معتمدين لتشغيل هذه الطائرات، بينما يبحث أكثر من عشرة مجالس أخرى عن إرشادات لإطلاق برامج مماثلة. هذا التوسع يثير تساؤلات حول التوازن بين الأمن العام والحريات المدنية.

تأتي هذه الزيادة في الاستخدام في وقت تشهد فيه المملكة المتحدة بالفعل تغطية واسعة النطاق من خلال كاميرات المراقبة CCTV. يستخدم المجالس المحلية الطائرات بدون طيار في مجموعة متنوعة من المهام، بدءًا من مراقبة الفيضانات والمسوحات الأرضية وصولًا إلى إنفاذ قوانين البيئة ومكافحة السلوكيات غير الاجتماعية. لكن البعض يرى أن هذه التكنولوجيا قد تتجاوز حدود الاستخدام المبرر.

مخاوف متزايدة بشأن استخدام الطائرات بدون طيار للمراقبة

أعربت مجموعة “بيج برذر وتش” (Big Brother Watch)، وهي منظمة مراقبة في المملكة المتحدة، عن قلقها من أن الحكومات المحلية قد تتجه نحو تكتيكات “جواسيس في السماء”، مما يزيد من تآكل الحريات المدنية. وحذرت المجموعة من أن الطائرات بدون طيار، على الرغم من فائدتها في مهام مثل مراقبة الفيضانات، يجب ألا تتحول إلى أدوات للمراقبة غير الخاضعة للرقابة.

تطبيقات متنوعة للطائرات بدون طيار على المستوى المحلي

أكد جيك هورفورت، رئيس قسم الأبحاث والتحقيقات في “بيج برذر وتش”، على أنه “ما دامت هناك إمكانية لاستخدام الطائرات بدون طيار، فهذا لا يعني بالضرورة أنه يجب فعل ذلك.” وأضاف أن المملكة المتحدة تعد بالفعل من أكثر الدول مراقبة في العالم، وأن إضافة كاميرات طائرة قد يكون مبالغًا فيه.

مجلس مدينة سندرلاند يمتلك حاليًا أكبر أسطول معروف من الطائرات بدون طيار على مستوى المجالس المحلية، حيث يضم 13 طائرة وعددًا من الطيارين المدربين. تُستخدم هذه الطائرات للكشف عن الجرائم ومنعها، وإنفاذ اللوائح البيئية، والإشراف على التجمعات العامة. الطائرات بدون طيار تساعد أيضًا في رصد النزاعات الساحلية، حسبما أفادت مصادر إخبارية.

مجلس هامرسيث ووفولهام يخطط لدمج الطائرات بدون طيار في فريقه المكون من 70 ضابط إنفاذ قانون، والذي أصدر أكثر من 2200 مخالفة العام الماضي. يهدف المجلس إلى استخدام الطائرات بدون طيار لمكافحة السلوكيات غير الاجتماعية، وتعويض نقص القوة العاملة الشرطية، والعمل جنبًا إلى جنب مع كاميرات المراقبة المزودة بتقنية التعرف على الوجوه المباشرة.

ولم يقتصر الأمر على المجالس المحلية، حيث سبق لهورفورت انتقاد استخدام شرطة العاصمة لندن للطائرات بدون طيار كمسؤولين أولين، محذرًا من أن هذا الإجراء يتم تنفيذه دون وجود سياسات واضحة تحكم متى وكيف ولماذا يمكن استخدام الطائرات بدون طيار. ويرى أن ذلك يعرض التكنولوجيا لخطر أن تصبح كاميرات مراقبة جوية أو وسيلة لمراقبة الاحتجاجات السلمية.

الجدل حول تكنولوجيا التعرف على الوجه باستخدام الطائرات بدون طيار

يتزايد القلق بشأن استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه بالتزامن مع الطائرات بدون طيار، حيث يرى البعض أن ذلك يمثل انتهاكًا صارخًا للخصوصية. ويخشى النقاد من أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تستخدم لتعقب المواطنين وتحديد هوياتهم دون علمهم أو موافقتهم، مما قد يكون له آثار سلبية على الحريات المدنية وحقوق الإنسان. (تكنولوجيا المراقبة)

علاوة على ذلك، هناك مخاوف بشأن دقة وموثوقية أنظمة التعرف على الوجوه، حيث يمكن أن تؤدي الأخطاء إلى اعتقالات خاطئة أو مضايقات غير مبررة. ويطالب الكثيرون بوضع ضوابط ولوائح صارمة تحكم استخدام هذه التكنولوجيا، لضمان عدم إساءة استخدامها أو انتهاكها للحقوق الأساسية. (أمن البيانات)

في سياق ذي صلة، تستكشف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنظمة مضادة للطائرات بدون طيار لمنع التعديات على المنشآت الأمنية القومية. ويشير هذا إلى أن التهديدات التي تشكلها الطائرات بدون طيار لا تقتصر على المجالات المدنية، بل تمتد أيضًا إلى المجال العسكري والأمني.

ومع استمرار تطور تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، من المتوقع أن يزداد استخدامها في مجموعة متنوعة من التطبيقات. ومن المهم أن يتم ذلك بطريقة مسؤولة وأخلاقية، مع احترام الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين. سيتطلب ذلك وضع إطار تنظيمي واضح يحدد حدود الاستخدام، ويضمن الشفافية والمساءلة.

من المتوقع أن تواصل هيئة الطيران المدني مراجعة وتحديث لوائحها المتعلقة بالطائرات بدون طيار، استجابة للتحديات والفرص الجديدة التي تظهر. كما من المرجح أن يشهد هذا الموضوع نقاشات ومناظرات مستمرة بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والجمهور، بهدف التوصل إلى حلول متوازنة تضمن تحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا مع حماية الحريات المدنية. يجب مراقبة التطورات القانونية والمبادرات التقنية القادمة لتقييم تأثير هذه التكنولوجيا على المجتمع.

شاركها.