كشفت دراسة حديثة أن التوتر الذي تعانيه الأم خلال فترة الحمل قد يؤثر على سرعة نمو أطفالها، بما في ذلك ظهور الأسنان في وقت مبكر. ووفقًا للبحث، الذي نشر في مجلة “فرونتيرز إن أورال هيلث” في 18 نوفمبر 2025، فإن الأطفال الذين وُلدن لأمهات عانين من مستويات عالية من التوتر قد يظهر لديهم عدد أكبر من الأسنان اللبنية بحلول عمر 6 أشهر. هذه النتائج تثير تساؤلات حول تأثير الإجهاد قبل الولادة على التطور الجسدي للأطفال.

أجريت الدراسة من قبل باحثين في جامعة روتشستر بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات 142 أماً من خلفيات اجتماعية واقتصادية متنوعة. ركزت الأبحاث على العلاقة بين مستويات هرمونات التوتر لدى الأم، وخاصة الكورتيزول، وتطور الأسنان لدى أطفالها. وتشير النتائج إلى وجود ارتباط قوي بينهما.

الإجهاد قبل الولادة وتطور الأسنان

تعتبر الأسنان اللبنية، أو أسنان الحليب، من أولى العلامات على نمو الطفل وتطوره. عادةً ما يبدأ ظهورها بين 6 أشهر و3 سنوات، ولكن هذا التوقيت يمكن أن يختلف بشكل كبير اعتمادًا على عوامل وراثية وبيئية وصحية. تتكون الأسنان اللبنية في الواقع في الرحم، بدءًا من الأسبوع السادس من الحمل، وهي ضرورية لوظائف أساسية مثل المضغ والكلام.

وقالت الدكتورة ينغ مينغ، الأستاذة المشاركة في كلية التمريض بجامعة روتشستر، إن الدراسة أظهرت أن ارتفاع مستويات الكورتيزول لدى الأم في أواخر الحمل يرتبط بظهور الأسنان اللبنية مبكرًا لدى الرضيع. وقد لوحظ أن الأطفال الذين وُلدن لأمهات ذوات مستويات عالية من الكورتيزول كان لديهم في المتوسط 4 أسنان إضافية عند بلوغهم 6 أشهر مقارنةً بأطفال الأمهات ذوات المستويات الأقل من الهرمون.

كيف يؤثر الكورتيزول على نمو الأسنان؟

تشير الأبحاث إلى أن ارتفاع مستويات الكورتيزول قد يؤثر على استقلاب المعادن في الجنين، بما في ذلك الكالسيوم وفيتامين د، وهما عنصران أساسيان لتمعدن العظام والأسنان. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر الكورتيزول على نشاط الخلايا البانية للعظم والخلايا الناقضة للعظم، مما يؤدي إلى تغييرات في عملية بناء وتشكيل العظام والأسنان.

وتشير الدراسات إلى أن صحة الفم لدى الأطفال يمكن أن تكون مؤشرًا على صحتهم العامة. لذلك، فإن ظهور الأسنان مبكرًا قد يكون علامة على تسارع النمو البيولوجي، والذي قد يكون مرتبطًا بظروف اجتماعية واقتصادية صعبة وتعرض الأم للتوتر.

من المهم ملاحظة أن هذه الدراسة لا تثبت علاقة سببية مباشرة بين التوتر وظهور الأسنان المبكر، بل تظهر ارتباطًا قويًا. هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد الآليات الدقيقة التي تربط بينهما، ولتقييم الآثار طويلة المدى لظهور الأسنان المبكر على صحة الفم والتطور العام للطفل. كما أن العوامل الوراثية تلعب دورًا هامًا في تطور الأسنان.

بالإضافة إلى الكورتيزول، قامت الدراسة بقياس مستويات هرمونات أخرى مثل الإستراديول والبروجيستيرون والتستوستيرون وثلاثي يودوثيرونين والثيروكسين، ولكن الكورتيزول كان الهرمون الوحيد الذي أظهر ارتباطًا كبيرًا بظهور الأسنان المبكر. وهذا يشير إلى أن التوتر، الذي يؤدي إلى زيادة إفراز الكورتيزول، قد يكون له تأثير فريد على نمو الأسنان.

تؤكد هذه النتائج على أهمية توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأمهات الحوامل، خاصةً اللاتي يعشن في ظروف صعبة. يمكن أن يساعد تقليل التوتر وتحسين الصحة العامة للأم على ضمان نمو صحي لطفلها، بما في ذلك تطور الأسنان.

من المتوقع أن تستمر الأبحاث في هذا المجال، مع التركيز على تحديد التدخلات الفعالة لتقليل تأثير التوتر على نمو الجنين. سيتم أيضًا إجراء دراسات متابعة لتقييم الآثار طويلة المدى لظهور الأسنان المبكر على صحة الفم والتطور العام للأطفال. من الضروري مراقبة هذه التطورات لفهم أفضل للعلاقة بين التوتر وصحة الطفل.

شاركها.