تواجه أجيال الشباب، المعروفة باسم “جيل المسار البديل”، حالة من القلق المتزايد بشأن مستقبلهم الوظيفي في ظل التطور السريع للذكاء الاصطناعي. وكشف تقرير حديث صادر عن Zety، وهي خدمة قوالب السيرة الذاتية، أن 43٪ من أبناء الجيل زد قد قاموا بالفعل بتغيير خططهم المهنية، بينما يعلم 40٪ منهم أنفسهم مهارات جديدة أو يحصلون على شهادات، وذلك استجابةً للخوف من أن يحل الذكاء الاصطناعي محلهم في سوق العمل. يمثل هذا التحول استجابة استباقية من قبل الشباب لتأمين مستقبلهم المهني.
جيل المسار البديل والتحول الوظيفي بسبب الذكاء الاصطناعي
أظهرت الأبحاث التي أجرتها Zety، والتي شملت حوالي 1000 موظف من الجيل زد في الولايات المتحدة، أن هذا الجيل يواجه حالة من عدم اليقين بشأن الاستقرار الوظيفي. وقد دفعت هذه المخاوف العديد منهم إلى إعادة تقييم مساراتهم المهنية، والبحث عن بدائل أكثر أمانًا واستدامة. يشير هذا التحول إلى تغير أعمق في تصور الشباب لأهمية التعليم التقليدي والدورات التدريبية المهنية.
تراجع الثقة في التعليم الجامعي
أشار التقرير إلى أن أكثر من نصف الجيل زد (53٪) لا يثقون كثيرًا في أن التعليم الجامعي سيحميهم من فقدان الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. ونتيجة لذلك، يتجه الكثيرون نحو مسارات وظيفية أكثر استقرارًا، مثل الوظائف اليدوية والمهن الحرفية، التي يعتبرونها أقل عرضة للأتمتة. ومع ذلك، لا يزال هناك جدل حول مدى قدرة هذه المهن على الصمود أمام التقدم التكنولوجي.
وبحسب جاسمين إسكاليرا، خبيرة التوظيف في Zety، فإن “اهتمام هذا الجيل بالوظائف الحرفية والمهن التي تتطلب مهارات يدوية يعكس رغبتهم في الشعور بالهدف والأمن والسيطرة في عالم يتزايد فيه تأثير الذكاء الاصطناعي”. وأضافت أن هذا التحول يمكن وصفه بـ “تحول القلق الذكي”، حيث يبادر المهنيون الشباب إلى تغيير مسارهم المهني بسبب المخاوف وعدم الاستقرار المرتبطين بالذكاء الاصطناعي.
من جهتها، أشارت ستاسي هاللير، المستشارة المهنية الرئيسية في Builder’s، إلى أن الوظائف الحرفية “توفر عملاً عمليًا يصعب أتمتته. بالإضافة إلى ذلك، يجد العديد من الخريجين أن شهاداتهم لا تؤدي إلى وظائف في مجال تخصصهم، مما يدفعهم إلى استكشاف بدائل أكثر عملية وطلبًا”.
دور وسائل التواصل الاجتماعي في التوظيف
بالإضافة إلى ذلك، أظهر تقرير Zety الثاني أن 46٪ من الجيل زد قد حصلوا على وظيفة أو تدريب عملي من خلال تطبيق TikTok. وعلى عكس جيل الألفية الذين يعتمدون على LinkedIn، فإن 76٪ من شباب الجيل زد يعتمدون على Instagram للحصول على محتوى ونصائح مهنية.
وتشير الإحصائيات إلى أن ما يصل إلى 95٪ منهم يتحققون من حسابات الشركات على وسائل التواصل الاجتماعي قبل التقدم للحصول على وظيفة فيها. وهذا يدل على أهمية حضور الشركات على هذه المنصات وتفاعلها مع الجيل زد.
وأوضحت إسكاليرا أن “وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت بمثابة الفصل الدراسي المهني للجيل الحالي”. وأضافت أن “الشباب يتعلمون ويتبادلون الخبرات ويجدون فرصًا من خلال هذه المنصات، كما أنهم يطورون إحساسًا أقوى بأنواع العمل التي تتوافق مع قيمهم”.
يُذكر أن هذه الاتجاهات تعكس تحولًا أوسع في سوق العمل، حيث يزداد الطلب على المهارات الرقمية والتقنية، بينما تواجه بعض المهن التقليدية خطر الأتمتة. ويعد الاستثمار في التعليم والتدريب المستمر، بالإضافة إلى اكتساب المهارات العملية والحرفية، أمرًا ضروريًا للشباب لمواجهة هذه التحديات والتأقلم مع المتغيرات الجديدة.
في الختام، من المتوقع أن يستمر الجيل زد في إعادة تقييم خططهم المهنية وتبني مسارات وظيفية جديدة استجابةً للتطورات التكنولوجية. وسيتطلب ذلك من المؤسسات التعليمية والشركات التكيف مع احتياجات هذا الجيل وتقديم برامج تدريبية ومهنية تتناسب مع متطلبات سوق العمل المتغيرة. من الجدير بالملاحظة أن تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل لا يزال غير واضح تمامًا، ويتطلب المزيد من الدراسات والتحليلات لفهم آثاره بشكل كامل.






