مع اقتراب عيد الشكر، قد يفاجأ الكثيرون بمحتوى المشروبات الرائجة هذا العام. يشهد سوق المشروبات غير الكحولية، أو ما يعرف بـ”الكوكتيلات المزيفة” (Mocktails)، نموًا ملحوظًا في الولايات المتحدة، حيث يتزايد الإقبال عليها من قبل مختلف الفئات العمرية. وتُظهر الأرقام تحولًا واضحًا في تفضيلات المستهلكين، مدفوعًا بشكل خاص باتجاهات الجيل الألفي والجيل زد.
التحول نحو المشروبات غير الكحولية: اتجاه متنامٍ
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن ما يقرب من نصف الأمريكيين يفضلون الآن المشروبات غير الكحولية على مائدة العيد. وقد شهدت مبيعات المشروبات البديلة للكحول قفزة بنسبة 22٪ خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن يتجاوز حجم هذا السوق مليار دولار بحلول نهاية عام 2025، وفقًا لبيانات نيلسن.
يعزى هذا التحول إلى عدة عوامل، من بينها تزايد الوعي بالصحة، ورغبة الشباب في استكشاف خيارات جديدة، وتغير المفاهيم الاجتماعية المرتبطة بالاحتفالات والمشروبات. تراعي العديد من الأسر الآن تفضيلات ضيوفهم الأصغر سنًا الذين قد يختارون عدم تناول الكحول.
التأثير على صناعة الضيافة
وبالنسبة لمقدمي الضيافة، يمثل هذا الاتجاه فرصة لتقديم خيارات متنوعة تلبي احتياجات جميع الضيوف. لكن الأمر لا يتعلق بالاستبدال، بل بالتوسع في الخيارات المتاحة. يقول سام هاريس، مدير المشروبات في فندق موهونك ماونتن هاوس في ولاية نيويورك، إن الكوكتيلات التقليدية لا تزال الأكثر مبيعًا خلال مواسم الأعياد، لكنه أضاف أن تقديم بدائل غير كحولية أصبح ضروريًا لتلبية الطلب المتزايد.
تتفق جينيفر براين، خبيرة الخلط في كنتاكي، مع هذا الرأي. وتشير إلى أن المزيد والمزيد من الحانات والمطاعم تضيف “الكوكتيلات المزيفة” إلى قوائمها، إدراكًا منها بأنها مستقبل هذا المجال. وأضافت أن هذا التوجه ليس مجرد موضة عابرة، بل هو انعكاس لتغيرات أعمق في سلوك المستهلك.
أصبحت المشروبات غير الكحولية عنصرًا أساسيًا في العديد من المناسبات والاحتفالات الأمريكية، ولم تعد مقتصرة على سائقي السيارات المعينين أو النساء الحوامل، كما كان الحال قبل سنوات قليلة. توضح ناتالي باتاجليا، صانعة محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي ومؤسسة موقع “The Mindful Mocktail”، أن الناس يبحثون الآن عن طرق للاستمتاع بالوقت مع الأصدقاء والعائلة دون الحاجة إلى الكحول.
وربما يكون لوسائل التواصل الاجتماعي، مثل TikTok وInstagram، الفضل الأكبر في زيادة شعبية هذه المشروبات. إذ تشارك العديد من الشخصيات المؤثرة وصفات مبتكرة وجذابة بصريًا، مما يشجع الآخرين على تجربتها وتقليل اعتمادهم على الكحول. هذا يشمل وصفات الكوكتيلات المزيفة المستوحاة من الحلويات والقهوة، وهي تحظى بشعبية كبيرة خلال موسم الأعياد.
التحديات والاعتبارات
على الرغم من النمو الإيجابي، يرى البعض أن التركيز المتزايد على المشروبات غير الكحولية قد يقلل من أهمية التقاليد المرتبطة بالكوكتيلات خلال الأعياد. ويتساءلون عما إذا كان هذا التحول سيؤدي إلى فقدان بعض السحر والطقوس التي تميز هذه المناسبات. ومع ذلك، يرى خبراء آخرون أن “الكوكتيلات المزيفة” يمكن أن تكون إضافة قيمة ومرحبة، دون المساس بالتقاليد.
يشير ديريك براون، مؤسس شركة Drink Company في واشنطن العاصمة والخبير في المشروبات قليلة أو خالية من الكحول، إلى أن الضغط الاجتماعي المرتبط بشرب الكحول قد يكون في انخفاض، لكنه لا يزال قائمًا. ويؤكد على أهمية توفير خيارات بديلة للسماح للجميع بالاستمتاع بالاحتفال دون الشعور بالحرج أو الإجبار.
بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض العلامات التجارية للمشروبات والمطاعم بدأت في الاستثمار في تطوير خيارات غير كحولية لتلبية الطلب المتزايد. ومن المرجح أن يشهد هذا السوق المزيد من الابتكار والتوسع في المستقبل القريب.
من المتوقع أن تستمر هذه الظاهرة في التطور خلال السنوات القادمة، مع زيادة الوعي بأهمية الصحة واللياقة البدنية، وتغير المفاهيم الاجتماعية حول شرب الكحول. يبقى أن نرى ما إذا كان هذا التحول سيؤدي إلى تغيير جذري في عادات الشرب الأمريكية، أو ما إذا كان مجرد إضافة جديدة إلى المشهد المتنوع للمشروبات.






